للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ، أي فصاعدًا؛ بأن أخرج مرة نصفه ومرة الباقي، فَإنْ تَخَلَّلَ عِلْمُ الْمَالِكِ وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ فَالإِخْرَاجُ الثَّانِي سرِقَةٌ أُخْرَى، أي فإن كان المخرج في كل دفعة دون النصاب لم يجب القطع، وَإِلَّا، أي وإن لم يتخلل علم المالك وإعادة الحرز، قُطِعَ في الأَصَحِّ، لأنه أخرج نصابًا كاملًا عن حرز مثله، فأشبه ما إذا أخرج دفعة واحدة، والثاني: لا قطع؛ لأنه أخذ النصاب من حرز مهتوك، وصورة المسألة: أنه أخذ أولًا دون النصاب، وأخذ ثانيًا تمامه لا غير كما قال القاضي حُسين؛ وإن كان في كلام القاضي أبى الطيب خلافه.

وَلَوْ نَقَبَ وِعَاءَ حِنْطَةٍ وَنَحْوِهَا فَانْصَبَّ نِصَابٌ قُطِعَ في الأَصَحِّ، لأنه بما فعل هتك الحرز وفوت المال، والثاني: لا يقطع؛ لأنه خرج بسبب؛ لا بمباشرة. والسبب ضعيف ولا يقطع به وسواء انْصَبَّتْ دُفعة أو شيئًا فشيئًا على الأصح.

وَلَوِ اشْتَرَكَا فِي إِخْرَاجِ نِصَابَيْنِ قُطِعًا، لأن كل واحد منهما سرق نصابًا، وَإِلَّا فَلاَ، أي وإن اشتركا في إخراج نصاب فلا قطع عليهما، لأن كُلًّا منهما لم يسرق إلّا نصفه وقال - عليه السلام -: [لاَ تُقطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبُعِ دِيْنَارٍ فَصَاعِدًا] (٢٥١) وليس كالشركة في القتل حيث يجب القصاص عليهما؛ لأن مقصود القصاص وقاية الروح والعضو، فلو سقط لأدَّى إلى التواطئ فيفوت مقصوده، ومقصود السرقة الاستكثار من المال والتواطؤ لذلك لا يحصله.

وَلَوْ سرَقَ خَمْرًا؛ وَخِنْزِيْرًا؛ وَكَلْبًا؛ وَجِلْدَ مَيْتَةٍ بِلاَ دَبْغٍ, فَلاَ قَطْعَ، أي سواء سرقَهُ مسلمٌ أو ذميٌّ؛ لأنه ليس بمال، فَإِنْ بَلَغَ إِنَاءُ الْخَمْرِ نِصَابًا قُطِعَ عَلَى الصَّحِيْحِ، لأنه سرق نصابًا من حرز، والثاني: المنع، لأن ما فيه مستحق الإزالة فيصير شبهة في دفعه، وَلاَ قَطْعَ في طُنْبُورٍ وَنَحْوِهِ، لأنه من آلات الملاهي فأشبه الخمر، وَقِيْلَ: إِنْ بَلَغَ مُكَسَّرُهُ نِصَابًا قُطِعَ به لأنه سرق نصابًا من حرز، وهذا ما صححه الأكثرون فلذلك قال المصنف عقبه، قُلْتُ: الثَّانِي أَصَحُّ، وَاللهُ أَعْلَمُ، ثم محل الخلاف ما إذا


(٢٥١) تقدم في الرقم (٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>