للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَقَرَّ بِلاَ دَعْوَى أَنَّهُ سَرَقَ مَالَ زَيْدٍ الْغَائِبِ لَمْ يُقْطَعْ فِي الْحَالِ، بَلْ يُنْتَظَرُ حُضُورُهُ فِي الأَصَحَّ، لأنه ربما حضر وأقرّ أنه كان أباحَهُ له فسقط الحد، وإن كذبه السارق فإنه يسقط بالشبهة، والثاني: يقطع في الحال، لظهور الموجب بإقراره، فأشبه ما لو أقرَّ أنه زنا بفلانة، لا ينتظر حضورها، أَوْ أَنَّهُ أَكْرَه أَمَةَ غَائِبٍ عَلَى زِنَا حُدَّ في الْحَالِ فِي الأَصَحِّ، لأن حد الزنا لا يتوقف على طلبٍ، ولو حضر وقال: كنت أَبَحْتُهَا لهُ لم يسقط حد الزنا بذلك، والثاني: ينتظر حضور المالك لاحتمال أنه يقرُّ أنه وقف عليه مِلْكَ الجارية فتصير شبهة قي سقوط الحد.

وَيَثْبُتُ، أي القطع، بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، كسائر العقوبات، وشهادة الزنا هي التي خصَّت بمزيد العدد، فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌّ وَامْرَأَتَانِ ثَبَتَ الْمَالُ وَلاَ قَطْعَ، كما لو علق الطلاق أو العتق على غصب أو سرقة فشهد رجل وامرأتان بالغصب أو السرقة ثبت المال دون الطلاق والعتق، كذا ذكر الرافعي هذا التنظير هنا وذكر فيه تفصيلاً في الشهادات.

وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشَّاهِدِ شُرُوطَ السَّرِقَةِ، أي ولا تقبل مطلقًا لاختلاف المذاهب فيها، وفي شروط تعلَّق القطع بها؛ فلا بد وأن يبين السارق بالإشارة إلى عينه إن كان حاضرًا، ويذكر اسمَهُ ونسبَهُ بحيث يتميز إن كان غائبًا، ويكفي عند حضوره أن يقول سرق هذا، ويشترط أن يبينَ المسروقُ والمسروقَ منهُ، وكون السرقة من حرز أو صفته.

وَلَوِ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ كَقَوْلِهِ: سَرَقَ بُكْرَةً وَالآخَرُ عَشِيَّةً: فَبَاطِلَةٌ، إذا لم تتم حجة أحدهما، وقوله (بَاطِلَةٌ) مقتضاه أنه لا يلزمه شيء؛ لكنه قال في الروضة تبعًا للشرح: أن المشهود له لو حلف مع أحدهما غرم المال.

فَصْلٌ: وَعَلَى السَّارِقِ رَدُّ مَا سَرَقَ، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: [عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدَّيَهُ] (٢٥٨)، فَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ، جبرًا لما فات، وَتُقْطَعُ يَمِيْنُهُ، أولاً بالإجماع كما


(٢٥٨) رواه أبو داود في السنن: كتاب البيوع: باب في تضمين العارية: الحديث (٣٥٦١) عن الحسن عن سمرة. والترمذي في الجامع: كتاب البيوع: ما جاء في أن العارية مُؤَدَّاة: =

<<  <  ج: ص:  >  >>