للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الماوردي: وهذا في الحضري، أما البدوي؛ فيحسم بالنار لأنه عادَتُهُمْ، قِيْلَ: هُوَ تَتِمَّةٌ لِلْحَدِّ، لأن فيه مزيد إيلام وما زال الولاة يفعلون ذلك على كراهة من المقطوعين ولم يراعوا ذلك في قطع الأطراف قصاصًا، وَالأَصَحُّ: أَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَقطُوعِ، لأن الغرض المعالجة ورفع الهلاك عنه بنزفِ الدَّم، فَمُؤنَتُهُ عَلَيهِ وَلِلإِمَامِ إِهْمَالُهُ، أي إذا فرعنا على الثاني؛ فإن فرعنا على الأول ففي مؤنته الخلاف فِي مؤنة الجلاد وليس له إهماله؛ قاله الإمام والرافعي.

وَتُقْطَعُ الْيَدُ مِنَ الْكُوْعِ، بالإجماع، وَالرِّجْلُ مِنْ مَفْصِلِ الْقَدَمِ، اتباعًا لعمر - رضي الله عنه - (٢٦١) فيه كما رواه ابن المنذر، وَمَنْ سَرَقَ مِرَارًا بِلاَ قَطْعٍ كَفَتْ يَمِيْنُهُ، لأن السبب واحد فتداخلت لحصول الحكمة وهو الزجر، وَإِنْ نَقَصَتْ أَرْبَعَ أَصَابِعَ، أي فإنه يُكْتَفَى بها ولا يعدل إلى الرجل لحصول الإيلام والتنكيل، قُلْتُ: وَكَذَا لَوْ ذَهَبَتِ الخَمْسُ فِي الأَصَحِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ، لما ذكرناه، والثاني: لا يكفي، وتقطع الرجل اليسرى لانتفاء البطش، وادعى القاضي: أنه المذهب.

فَرْعٌ: الخلاف جار فيما إذا سقط بعض الكف أيضًا وبقي محل القطع.

وَتُقْطَعُ يَدٌ زَائِدَةٌ أُصْبُعًا في الأَصَحِّ، أى ولا يبالي بالزيادة لأن المراد التنكيل، والثاني: لا، بل تقطع رجله اليسرى كما في القصاص، لكن الفارق أن القصاص مقصوده المساواة، والمقصود هنا الزجر والتنكيل، وَلَوْ سَرَقَ فَسَقَطَتْ يَمِيْنُهُ بِآفَةٍ، أو جناية، سَقَطَ الْقَطْعُ، أي فلا يعدل إلى الرجل، لأن القطع تعلق بعينها وقد زالت.

فَرْعٌ: لو شُلَّتْ يمينُهُ بعد السرقة وخشي من قطعها تلف النفس، فهو كما لو سقطت.

أَوْ يَسَارُهُ فَلاَ عَلَى الْمَذْهَبِ، لوجود اليمنى وهي محل القطع، وعن أبي إسحق:


(٢٦١) عَنْ عَمْرِو بْنِ دِيْنَارٍ؛ قَالَ: (كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - يَقْطَعُ السَّارِقَ مِنَ الْمِفْصَلِ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب السرقة: الحديث (١٧٧٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>