للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهيٌّ عنه، ولو مات قبل صلبه لم يصلب على الأصح لأنه تابع، ثَلاَثًا، ليشتهر الحال ويتم النكال، ثُمَّ يُنَزَّلُ، اكتفاءً بما حصل من النكال، وَقِيْلَ: يُبْقَى حَتَّى يَسِيْلَ صَدِيدُهُ، تغليظًا عليه، وَفِي قَوْلٍ: يُصلَبُ قَلِيْلاً ثُمَّ يُنَزَّلُ فَيُقْتَلُ، لأن الصَّلْبَ شُرِّعَ عقوبةٌ له فيقام عليه وهو حي، وَمَنْ أَعَانَهُم وَكَثَّرَ جَمعَهُمْ عُزِّرَ بِحَبْسٍ وَتَغْرِيْبٍ وَغَيْرِهِمَا، كسائر المعاصي، ولا حدَّ كما لا حدَّ في مقدمات الزنا، وَقِيْلَ: يَتَعَيَّنُ التَّغْرِيْبُ إِلَى حَيْثُ يَرَاهُ، لأن النفي في الآية عقوبة مقصودة، وأجاب الأول بأن معنى نفيهم من الأرض: أنهم إذا هربوا من حبس الإمام طلبوا حتى يؤخذوا فيقام عليهم الحدُّ أو التعزير.

فَصْلٌ: وَقَتْلُ القَاطِعِ يُغَلَّبُ فِيْهِ مَعْنَى الْقِصَاصِ، لأنه قتل في مقابلة قتل، وَفِي قَوْلٍ: الْحَدُّ، لأنه لا يصح العفو عنه ويتعلق استيفاؤه بالسلطان لا بالولي، ولا شك أن كلا منهما موجود فيه وَالْمُغَلَّبُ الأول على الأصح (•)، فعَلَى الأَوَّلِ: لاَ يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ وَذِمِّيِّ، أي وكذا بعبد لانتفاء المكافأة، وعلى الثاني: نعم، وَلَوْ مَاتَ فَدِيَةٌ، أي من تركته، وعلى الثاني: لا دية.

وَلَوْ قَتَلَ جَمْعًا قُتِلَ بِوَاحِدٍ وَلِلْبَاقِيْنَ دِيَاتٌ، كما في القصاص، وعلى الثاني: لا دية، وَلَو عَفَى وَلِيُّهُ بِمَالٍ وَجَبَ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ ويُقْتَلُ حَدًّا، كمرتد استوجب القصاص، وعُفي عنه، وإن فرعنا على الثاني فالعفو لغوٌ.

وَلَوْ قَتَلَ بِمُثَقَّلٍ أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ فُعِلَ بِهِ مِثْلُهُ، كما في القصاص، وإن فرعنا على الثاني فيقتل بالسيف كالمرتد.

وَلَوْ جَرَحَ فَانْدَمَلَ لَمْ يَتَحَتَّمْ قِصَاصٌ في الأَظْهَرِ، لأن التحتم تغليظ لحق الله تعالى فاختص بالنفس كالكفارة. والثاني: نَعَمْ، كما يَتَحَتَّمُ القتل عند القتل؛ والثالث: يَتَحَتَّمُ في اليدين والرجلين، لأنهما مما يستحقان في المحاربة دون الأنف


(•) في النسخة (١): على الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>