للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكَسْرِهَا ضَمِنَهَا فِي الأَصَحِّ، لأنه لا قصد لها ولا اختيار بخلاف البهيمة، والثاني: لا، تنزيلًا لها منزلة البهيمة.

فَصْلٌ: وَيُدْفَعُ الصَّائِلُ بِالأَخَفِّ، فَإِن أَمْكَنَ بِكَلاَمٍ وَاسْتِغَاثَةٍ حَرُمَ الضَّرْبُ، أَوْ بِضَرْبٍ بِيَدٍ؛ حَرُمَ سَوْطٌ، أَوْ بِسَوْطٍ حَرُمَ عَصًا، أَوْ بِقَطْعِ عُضْوٍ حَرُمَ قَتْلٌ، لأنَّهُ جُوِّزَ للضرورة؛ ولا ضرورة في الأصعب مع إمكان السهل؛ قال الماوردي: وهذا التدريج عن غير الفاحشة، أما إذا رآه قد أولج في أهله فليعجل الدفع بالأعلى؛ فيجوز أن يبدأ القتل، وفي هذا القتل وجهان أحدهما: قتل دفع، والثاني: قتل حدٍّ.

فَرْعٌ: لو كان الصائل يندفع بالسوط والعصي، ولم يجد المصول عليه إلاّ سيفًا أو سكينًا؛ فالصحيح أنه له الضرب؛ لأنه لا يمكنه الدفع إلاّ به.

تَنْبِيْهٌ: قال الغزالي في الإحياء: إن قيل إذا قصد إنسان قطع طرف؛ وكان لا يمتنع عنه؛ إلاّ بقتال ربما يؤدي إلى قتل، هل يقاتل عليه؟ فإن قلتم: نعم! فهو محال؛ لأنه هلاك نفس خوفًا من إهلاك طرفٍ في إهلاكها إهلاكه أيضًا، قلنا: يمنعه، ويقاتله، إذ ليس الغرض حفظ طرفه، بل حفظ سبيل المنكرات.

فَإِنْ أَمْكَنَ هَرَبٌ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ، وَتَحْرِيْمُ قِتَالٍ، لأنه مأمور بتخليص نفسه بالأهون فالأهون والهرب أهون، والثاني: لا يجب، لأن إقامته في ذلك الموضع جائزة، ولا يكلف الانصراف؛ هذه الطريقة الصحيحة، والثانية: حمل نص الهرب على من يتيقن النجاة بالهرب، والآخر على من لم يتيقن.

وَلَوْ عُضَّتْ يَدُهُ خَلَّصَهَا بِالأَسْهَلِ مِنْ فَكِّ لِحْيَيْهِ وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَ؛ فَسَلَّهَا فَنَدَرَتْ أَسْنَانُهُ، أي فسقطت وهو بالنون قبل الدال، فَهَدْرٌ، لأن النفس لا تضمن في الدفع، وكذا الأطراف، وللحديث الصحيح فيه أيضًا (٣٠١)، وسواء كان


(٣٠١) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رضي الله عنه -؛ أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فَمِهِ فَوَقَعَتْ ثُنِيَّتَاهُ؛ فَاخْتَصَمُواْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فَقَالَ: [يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ؛ لاَ دِيَةَ لَهُ]. =

<<  <  ج: ص:  >  >>