للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام: والأظهر وجوب القصاص، وَإِلاَّ، أي وإن لم يقصّر في اختبارهما بل بحث وبذل وَسْعَهُ، فَالْقَوْلاَنِ، أي في أن الضمان على عاقلته أو في بيت المال وقد تقدم توجيههما، فَإِنْ ضَمَّنَّا عَاقِلَةً أَوْ بَيْتَ مَالٍ فَلاَ رُجُوعَ عَلَى الذِّمِّيَّيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ فِي الأَصَحِّ، لأنهما يزعمان أنهما صادقان ولم يوجد منهما تعدٍّ فيما أتيا به. وقد ينسب القاضي إلى تقصير في البحث، والثاني: نعم، لأنهما غرّا القاضي، والثالث: يثبت الرجوع للعاقلة دون بيت المال.

وَمَنْ حَجَمَ أَوْ فَصَدَ بِإِذن لَمْ يَضْمَنْ، أي ما تَوَلَّدَ لأنّا لو ضمنّاهما لأحجما عنهما، وَقَتْلُ جَلاَّدٍ وَضَرْبُهُ بِأَذْنِ الإِمَامِ كَمُبَاشَرَةِ الإِمَامِ إِنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ وَخَطَأَهُ، أي ويتعلق القصاص والضمان بالإمام دونه، لأنه آلته. ولو ضَمَنَّاهُما لم يتولَّ الجلدَ أحدٌ، وَإِلاَّ، أيْ وَإِنْ عُلِمَ ظُلْمُ الإمَامِ وَخَطَأُهُ، فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلاَدِ إِنْ لَمْ يَكُنْ إِكْرَاهٌ، من جهة الإمام، لأَنَّهُ إِذَا عَلِمَ الْحَالَ لَزِمَهُ الاِمْتِنَاعُ، أمَّا إِذَا أَكْرَهَهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا.

فَصْلٌ: وَيَجِبُ خِتَانُ اْلْمَرْأَةِ بِجُزْءٍ مِنَ اللَّحْمَةِ بِأَعْلَى الْفَرْج، وَالرَّجُلُ بقَطْعِ مَا يُغَطّي حَشَفَتَهُ، أما الوجوب فاستدلوا له بقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (٣٠٥) وكان من مِلَّتِهِ الختان، قال البيهقي: هذا أحسنُ ما يحتجّ به (٣٠٦)، قال الخطابي: وكان واجبًا عليه، قُلْتُ: لكن نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - وُلِدَ مختونًا وأول من


(٣٠٥) النحل / ١٢٣.
(٣٠٦) • قاله البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الأشربة والحد فيها: باب السلطان يكره على الاختتان: الحديث (١٨٠٦٢)، وقال: وأحسنُ ما يستدلُّ به في هذه المسألة ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ... وأسند حديث أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيْمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيْنَ سَنَةً بِالْقُدُومِ] رواه البخاري ومسلم في الصحيح.
• أما قوله: (يَجِبُ خِتَانُ الْمَرْأَةِ) فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي خِتَانِ الْمَرْأَةِ سُنَّةٌ وَلاَ دَلِيْلَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْخِتَانُ مَحْصُورٌ بِالرِّجَالِ فَقَطْ، لأَنَّهُ سُنَّةُ الْفِطْرَةِ في حَقَّهِمْ. فَالْخِتَانُ وَاجِبٌ عَلَى الْعَاقِلِ الْبَالِغِ أَنْ يَخْتِنَ نَفسَهُ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>