للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يختص؛ لأن التأذي بإشراق الشمس حاصل في البلاد المعتدلة أيضًا، وَجَمَاعَةِ مَسْجِدٍ يَقْصِدُونَهُ مِنْ بُعْدٍ، أي ويمشون إليه في الشمس؛ لأن من صلى منفردًا أو بيته قريب من المسجد ليس فيه كثير مشقة، والثاني: لا يختص بذلك لظاهر الحديث (٣٠٠)، والمنفرد إذا قصد الصلاة في المسجد يبرد كما أشعر به كلام الرافعي؛ والخلاف فيمن قربت منازلهم. وفي جمع لا يأتيهم غيرهم قولان! لا وجهان! كما اقتضاه لفظ المصنف، والمراد بالمسجد موضع الإجتماع للصلاة.

وَمَنْ وَقَعَ بَعْضُ صَلاَتَهِ فِي الوَقْتِ، فَالأَصَحُّ أَنَّهُ إِنْ وَقَعَ رَكْعَةٌ فَالجَمِيعُ أَدَاءٌ وَإِلاَّ فَقَضَاءٌ، لقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [مَنْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ] (٣٠١)، والثاني: الجميع قضاءٌ اعتبارًا بآخر الصلاة؛ والثالث: وقع ما في الوقت أداء وما بعده قضاء، قال الشيخ أبو حامد: وهو قول عامة أصحابنا؛ والرابع: إن أخَّرَ بعذر، وأدرك ركعة فأداءٌ وإلاّ فلا، حكاه الماوردي.

وَمَنْ جَهِلَ الوَقْتَ اجْتَهَدَ، أي وجوباً، بِوِرْدٍ وَنَحْوِهِ، أى كعمل صنعة (٣٠٢)،


[كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلاَةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلاَةِ] يعني الجمعة. إنتهى. وحكاه معلقًا مبينًا سبب الورود، فقال بسنده عن خالد بن دينار قال: صَلَّى بِنَا أَمِيْرُ الْجُمُعَةِ، ثم قال لأنس - رضي الله عنه -: كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلَّي الظُّهْرَ؟ .
(٣٠٠) الحديث عن أَبِي ذَرِّ - رضي الله عنه - قال: أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ فَقَالَ: [أَبْرِدْ أَبْرِدْ] أو قال: [انْتَظِرْ انْتَظِرْ] وقال: [شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ؛ فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاَةِ] حتى رأينا فيء التلول. رواه البخاري في الصحيح: كتاب مواقيت الصلاة: الحديث (٥٣٥). وفي الباب عن أبي هريرة وأبي سعيد وأنس - رضي الله عنهم - جميعًا.
(٣٠١) رواه البخاري في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: كتاب مواقيت الصلاة: باب من أدرك من الصلاة ركعة: الحديث (٥٨٠). ومسلم في الصحيح: كتاب المساجد: باب من أدرك ركعة من الصلاة: الحديث (١٦١ و ١٦٢/ ٦٠٧).
(٣٠٢) الْوِرْدُ أو مطالعة درس فقه أو قراءة قرآن. وعمل صنعة وصوت ديك مُحَرَّبٍ. وغالبًا في عصرنا ما يستغنى عنه بالمنبه الآلي الذى يرفع به الأذان إلى مسافات. وإن كان بعيدًا عن المدن أو في أماكن يُحجر فيها عليه، فإنه يجتهد في تخمين الوقت.

<<  <  ج: ص:  >  >>