للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلاَ يَصُحُّ اسْتِئْجَارُ مُسْلِمٍ لِجِهَادٍ، لأنه إن لم يكن متعيِّنًا عليه فمتى حَضَرَ الصَّفَّ تعيَّنَ عليه؛ فلا يجوزُ أخذ الأُجرة عن فرض العين، وَيَصُحُّ اسْتِئْجَارُ ذِمِّيٍّ، لأنه لا يقع عنه، وطريقه الإجارة لا الجعالة على الأصح، ويحتمل جهالة العمل لأن مقصوده القتال، لِلإِمَامِ، قِيْلَ: وَلِغَيْرِهِ، كالاذان على الأصح، والأصح: المنع، والفرقُ أنَّ الجهادَ أعظمُ وقعًا ويتعلق بإقامته وتأخيره مصالح يحتاج فيها إلى نظر كامل.

وَيُكْرَهُ لِغَازٍ قَتْلُ قَرِيْبٍ، لأن فيه قطع الرحم المأمور بصلتها، وَمَحْرَمٍ، أي وقتل قريب مَحْرَم، أَشَدَّ، لقوله تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (٣٢٢)، قُلْتُ: إِلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبُّ اللهَ أَوْ رَسُولَهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللهُ أَعْلَمُ، لما روى البيهقي عن عبد الله بن شَوْذَبٍ (•) قال: جَعَلَ أَبُو أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ يَنْصِبُ الأَلَّ لأَبِي عُبَيْدَةَ يَوْمَ بَدْرٍ؛ وَجَعَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَحِيْدُ عَنْهُ فَلَمَّا أكْثَرَ الْجَرَّاحُ قَصَدَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فَقَتَلَهُ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ فِيْهِ: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ ... } الآية (٣٢٣)، وهذا مرسلٌ أو معضلٌ (٣٢٤).

وَيَحْرُمُ قَتْلُ صَبِيٍّ، للنهي عنه في الصحيحين من حديث ابن عمر (٣٢٥)،


(٣٢٢) لقمان / ١٥.
(•) في النسخة (١): بن مسعود.
(٣٢٣) المجادلة / ٢٢: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
(٣٢٤) • رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب السير: باب المسلم يتوقى في الحرب قتل أبيه: الحديث (١٨٣٣٢)، وقال: هذا منقطع. وفي تلخيص الحبير: كتاب السير: باب كيفية الجهاد: الحديث (٣٣) منه: ج ٤ ص ١١٣؛ قال ابن حجر: وهذا معضل، وكان الواقدي ينكره، ويقول: (مات والد أبي عبيدة قبل الإسلام).
• أما الحديث المرسل، وهو مبهم أيضًا، رواه البيهقي في الرقم (١٨٣٣٣)، وقال: هذا مرسل جيد.
(٣٢٥) عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضي الله عنه - أخْبرَهُ أَنَّ امْرَأَةً وُجدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَقْتُولَةً؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>