للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخبر الدال على أن الأمر الذي وصفناه إنما هو أمر فضيلة لمن أحب ذلك لا أن كل من فاتته صلاة يعيدها مرتين إذا ذكرها. والوقت الثاني من غيرها. ثم روى من حديث الحسن عن عمران - رضي الله عنه - أنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لما صلى بهم قلنا: يا رسول الله ألا نقضيها لوقتها من الغد؟ قال: [يَنْهَاكُمْ رَبُّكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ] (٣٠٦).

قُلْتُ: وهذه مسألة نفيسة غريبة لم أرَ من صرح بها.

وَيُسَنُّ تَرْتِيبُهُ، للاتباع؛ ولا يجب لأنه إنما كان لضرورة الوقت وقد زال؛ وَفِعْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ الْمُجَرَّدُ إِنَّمَا يَدُلُّ عِنْدَنَا عَلَى الإِسْتِحْبَابِ، وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الحَاضِرَةِ الَّتِي لاَ يَخَافُ فَوْتَهَا، خروجًا من الخلاف؛ فإن خاف فوت الحاضرة لزمه البداءة بها لئلا تصير فائتة أيضًا.

فَصْلٌ: وَتُكْرَهُ الصَّلاَةُ عِنْدَ الاِستِوَاءِ، للنهي عنه في الصحيح (٣٠٧)، ووقت الاستواء لطيف جدًا؛ لا يتسع لصلاة؛ ولا يكاد يشعر به حتى تزول الشمس، نعم التحرم قد يمكن ايقاعه فيه فلا يصح، إِلاَّ يَوْمَ الْجُمُعَةَ، لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ


(٣٠٦) ينظر: الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: ج ٤ ص ١٤٨؛ وهو كما قال ابن الملقن؛
والحديث عن الحسن عن عمران بن حصين قال: سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غُزَاةٍ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ عَرَّسَ، فَمَا اسْتيقَظَ حَتَّى أَيْقَظَنَا حَرُّ الشَّمْسِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقُومُ دَهِشًا فَزِعًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [اِرْكَبُوا] فَرَكِبَ وَرَكِبْنَا، فَسَارَ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ نَزَلَ، فَأَمَرَ بِلاَلًا؛ فَأَذَّنَ، وَفَرَغَ الْقَوْمُ مِنْ حَاجَاتِهِمْ، وَتَوَضَّؤُواْ، وَصَلَّوْا الرَّكْعَتَينِ، ثُمَّ أقَامَ فَصَلَّى بِنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ألاَ نَقْضِهَا لِوَقْتِهَا مِنَ الْغَدِ؟ قَالَ: [يَنْهَاكُمْ رَبُّكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيَقْبَلُهُ مِنْكُمْ]: الحديث (٢٦٤١).
(٣٠٧) لحديث عقبة بن نافع الجهني يقول: [ثَلاَثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّىَ فِيهِنَّ، أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا؛ حِينَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ؛ وَحِينَ يَقُومُ
قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ؛ وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ]. رواه مسلم في الصحيح: كتاب صلاة المسافرين: الحديث (٢٩٣/ ٨٣١). وأبو داود في السنن: كتاب الجنائز: باب الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها: الحديث (٣١٩٢).
والترمذي في الجامع: الحديث (١٠٣٠) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>