للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَدِيْدٍ أَوْ رَصَاصٍ وَنَحْوُهُ، ليعرفوا به.

فَصْلٌ: وَيُمْنَعُ مِن إِسْمَاعِهِ الْمُسْلِمِيْنَ شِرْكًا، وَقَوْلَهُمْ فِي عُزَيْرٍ وَالْمَسِيْحِ، وَمِنْ إِظْهَارِ خَمْرٍ وَخِنْزِيْرٍ؛ وَنَاقُوسٍ؛ وَعِيْدٍ، أي وكذا قراءتهم التوراة والإنجيل ولو في كنائسهم لما فيه من المفاسد، وَلَوْ شُرِطَتْ هَذِهِ الأُمُورُ فَخَالَفُواْ لَمْ يَنْتَقِضِ الْعَهْدُ، لأنهم يدينون بها أو لعدم تضرر المسلمين بها، وَلَوْ قَاتَلُونَا أَوْ امْتَنَعُواْ مِنَ الْجِزْيَةِ أَوْ مِنْ إِجْرَاءِ حُكْمِ الإِسْلاَمِ انْتَقَضَ، لمخالفته موضوع العقد، وجزم الحاوي الصغير بالانتقاض بالتمرد عن الأحكام وتبع في ذلك الإِمام.

وَلَوْ زَنَى ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمَةٍ أَوْ أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ، أي باسم نكاح، أَوْ دَلَّ أَهْلَ الْحَرْبِ عَلَى عَوْرَةٍ لِلْمُسْلِمِيْنَ، أَوْ فَتَنَ مُسْلِمًا عَنْ دِيْنِهِ، أَوْ طَعَنَ فِي الإِسْلاَمِ أَوِ الْقُرْآنِ، أَوْ ذَكَرَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوءٍ، أي وكذا إذا ذكر الله تعالى به، فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ إِنْ شَرَطَ انْتِقَاضَ الْعَهْدِ بِهَا انْتَقَضَ، لمخالفته الشرط، وَإِلاَّ فَلاَ، لأن هذه الأشياء وإن اقتضى العقد المنع منها لتحريمها لا تخل بمقصوده، والثاني: ينتقض مطلقًا، لما فيه من الضرر، والثالث: مقابله، وصحح في أصل الروضة طريقة القطع بعدم الانتقاض إن لم يقع شرطًا، وكذا إن وقع على الأظهر وفيه مخالفة لما في الكتاب.

وَمَنِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِقِتَالٍ جَازَ دَفْعُهُ وَقِتَالُهُ، لأنه صار حربيًا لنا في دار الإسلام، أَوْ بغَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ إبْلاَغُهُ مَأْمَنَهُ فِي الأَظْهَرِ، بَل يَخْتَارُ الإِمَامُ فِيْهِ قَتْلًا؛ وَرِقًّا؛ وَمَنًّا؛ وَفِدَاءً، لأنه كافر لا أمان له كالحربي، والثاني: يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ كمن دخل بأمان صبي، وأجاب الأول عن هذا بأنه يعتقد في نفسه أمانًا، وهنا فعل باختياره ما أوجب انتقاض الأمان، فَإِنْ أَسْلَمَ، أي هذا المنتقض عهده، قَبْلَ الاِخْتِيَارِ امْتَنَعَ الرِّقُّ، أي بخلاف الأسير لأنه لم يحصل في يد الإِمام بالقهر فَخَفَّ أمره، قُلْتُ: ولا يجوز قتله وفداؤه أيضًا، وَإِذَا بَطَلَ أَمَانُ رِجَالٍ لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ نِسَائِهِمْ وَالصِّبْيَانِ فِي الأَصَحِّ، إذ لم يوجد منهم خيانة ناقضة، والثاني: يبطل كما كانوا تبعًا في ثبوت الأمان، وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بُلِّغَ الْمَأْمَنَ، لأنه لم يوجد منه خيانة ولا ما يوجب نقض عهده فيبلغ مكانًا يأمن فيه على نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>