للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على المسامحة بخلاف حقَّ الآدمي، ومحلُّ الخلاف ما إذا لم يعلم له يمينٌ ماضية، فإن عُلِمَ؛ قُبِلَ ارِاَدَتُهُ خبرًا عن ماضٍ قطعًا.

وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أُقْسِمُ عَلَيكَ بِاللهِ؛ أَوْ أَسْأَلُكَ بِاللهِ لَتَفْعَلَنَّ؛ وَأرَادَ يَمِيْنَ نَفْسِهِ فَيَمِيْنٌ، لصلاحية اللفظ له، وَإِلَّا فَلَا، حَملًا على الشفاعة.

ولَوْ قَالَ: إِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأنَا يَهُودِيٌّ؛ أَوْ بَرِيءٌ مِنَ الإِسْلاَمِ؛ فَلَيْسَ بِيَمِيْنٍ، لانتفاء الاسم والصفة، نَعَمْ؛ يَسْتَغْفِرُ اللهَ؛ وَيَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ جَبْرًا لما وقعَ من الخللِ، وَمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إِلَى لَفْظِهَا بِلاَ قَصْدٍ، أى كقوله في حالة غضبٍ أو لَجَاجٍ أو عَجَلةٍ أو صِلَةِ كلامٍ لا والله؛ وبلى والله، لَمْ تَنْعَقِدْ، أي بل هو لَغْوُ اليمينِ؛ كما قالت عائشة في قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (٤٧٢) رواه أبو داود مرفوعًا وصححه ابن حبان (٤٧٣)، ولو كان يحلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره فهو في معنى لغو اليمين أيضًا، والمراد من تفسير اللَّغْوِ بِلَا والله وَبَلَى والله أن يقولَ أحدهما تارة والآخر أُخرى كما نَبَّهَ عليه ابن الصلاح، أما لو جمعهما في كلام واحد، فقد قال الماوردي: الأُولى لغو؛ لأنها غير مقصودة، والثانية منعقدة؛ لأنها استدارك مقصود منه.

فَرْعٌ: إذا وقع مثل ذلك في الطلاق أو العتاق وادَّعى أنه لم يقصد اليمين، لا يقبلُ في الحكم لتعلق حقَّ الغير به.

وَتَصِحُّ، يعني اليمين، عَلَى مَاضٍ، بالإِجماع، وَمُسْتَقْبَلٍ، أي إذا كان ممكنًا، قال


(٤٧٢) البقرة / ٢٢٥.
(٤٧٣) • رواه أبو داود في السنن: كتاب الأيمان والنذور: باب لغو اليمين: الحديث (٣٢٥٤) وفي الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: كتاب الأيمان: الحديث (٤٣١٨) عن إبراهيم الصائغ قال: سَأَلْتُ عَطَاءً عنِ اللَّغْوِ فِي الْيَمِيْنِ؟ فَقَال: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: [هُوَ كَلامُ الرَّجُلِ كَلَّا وَاللهِ؛ وَبَلَى وَاللهِ].
• رواه البخاري في الصحيح موقوفًا: كتاب التفسير: الحديث (٤٦١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>