على أحدهما كتعجيل الزكاة، نَعَمْ: الأَولى أن لا يكفِّرَ حتى يحنث خروجًا من خلاف أبي حنيفة، واحترز بقوله:(بِغَيْرِ صَوْمٍ) عما إذا كفَّر بالصوم؛ فإن الصحيح: أنه لا يجوز تقديمها على الحنث؛ لأنها عبادة بدنية فلم يجُز تقديمها على وقت وجوبها بغير حاجة كصوم رمضان، ولا خلاف في امتناع التقديم قبل انعقاد اليمين، قِيْلَ: وَحَرَامٍ، أى إن كان الْحِنْثُ بارتكاب حرام بأن حلف لا يزني؛ لأن الكفارة لا يتعلق بها تحريم ولا تحليل؛ فأن المحلوف عليه على حالة حرام قبل اليمين وبعدها، وقبل التكفير وبعده، ووجه المنع كَيْلَا يتوسَّلُ به إلى المعصية، ولأن التقديم رخصة فلا تستباح بها المعاصي، وهذا ما رجحه البغوي فتبعه الرافعي في المُحَرَّرِ، لكنه صحَّحَ الجواز في الشرح الصغر ونقلهُ عن كثيرين في الكبير، وصرَّحَ المصَنِّفُ في أصل الروضة: بأنه الأصح عند الأكثرين لا جرم قال هنا، قُلْتُ: هَذَا أصَحُّ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ عَلَى الْعَوْدِ، أي وكذا يجوز تقديم كفارة الظهار على العود؛ لأنه تقديم بعد وجود أحد السببين، لأن الكفارة منسوبةٌ إلى الظِّهَارِ؛ كما أنها منسوبة إلى اليمين، ويتصور تقديم كفارة الظهار على العود في صور منها: إذا ظاهر من رجعية ثم كَفَّرَ ثم راجعها، وَقَتْلٍ علَى الْمَوْتِ، أى وكذا يجوز تقديم كفارة القتل على الموت بعد حصول الجرح، وكذا تقديم جزاء الصيد قبل الموت بعد الجرح، ثم هذا في التكفير بالإعتاق، فأما الصوم فلا يتقدم على الصحيح كما سبق، ولا يجوز تقديم كفارة القتل على الجرح بحال لا في الآدمي ولا في الصيد، وَمَنْذُورٍ مَالِيًّ، أي وكذا يجوز تعجيل المنذور إذا كان ماليًا، كإِنْ شَفَى اللهُ مريضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أن أُعْتِقَ أو أَتَصَدَّقَ بِكَذَا، فيجوزُ تقديم الإعتاق والتَّصَدُّقِ على الشفاء، ورجوع الغائب، وعن فتاوى القفال ما تنازع فيه وصححه المصنف في الروضة في باب تعجيل الزكاة، ونقله الرافعي عن تصحيح ابن عبْدان وأقره عليه، واحترز بـ (الماليّ) عن البدني فإنه لا يجوز تقديمه على الحنث قطعًا.