للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجوب الكفَّارة، وعلى القول الثاني: تلزمه قربة من القرب والتعيين إليه وليكن ما يُعَيِّنُهُ مما يُلْتَزَمُ بالنذر، وعلى الثالث: يَتَخيَّرُ بين ما ذكرناه وبين الكفارة.

وَنَذْرُ تبَرُّرٍ، أي تقرب: بِأَنْ يَلْتَزِمَ قُرْبَةٌ إِن حَدَثَتْ نِعْمَةٌ أو ذَهَبَت نِقْمَةٌ كَإِنْ شَفَي اللهُ مَرِيْضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ فعَلَيَّ كَذَا فَيَلزَمُهُ ذَلِكَ إِذَا حَصَلَ المُعَلْقُ عَلَيْهِ، لقوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلاَمُ: [مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيْعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أنْ يَعْصِيَ اللهَ فَلاَ يَعْصِهِ] رواه البخاري (٤٩٠)، وقد ذمَّ الله أقوامًا عاهدوا الله ولم يَفُواْ فقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ ... } الآية (٤٩١)، وَإِنْ لَمْ يُعَلَّقْهُ، يعني النَّذْرَ، بِشَيْءٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ لَزِمَهُ فِي الأَظْهَرِ، لِمُطْلَقِ الحديث المذكور آنفًا، والثاني: لا يصح، فلا يلزمه شيء؛ لأن أهل اللغة قالوا كما حكاه ثعلب: النذْرُ هُوَ وَعْدٌ بِشَرْطٍ وَلاَ شَرْطَ هُنَا فَلاَ نَذْرَ، ومنعَ الأول هذا لقوله تعالى عن مَرْيَمَ: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا ... } الآية (٤٩٢)، فأطلقَت ولم تُعَلِّقْهُ على شرط وسَمَّتْهُ نَذْرًا، وَلاَ يَصِحُّ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ، لقوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلاَمُ: [لاَ نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ] رواه مسلم (٤٩٣)،


(٤٩٠) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الأيمان والنذور: باب النذر في الطاعة: الحديث (٦٦٩٦)، وفي باب النذر فيما لا يملك: الحديث (٦٧٠٠). وأبو داود في السنن: كتاب الأيمان والنذور: باب ما جاء في النذر في المعصية: الحديث (٣٢٨٩). والترمذي في الجامع: كتاب النذور والأيمان: باب من نذر أن يطيع الله: الحديث (١٥٢٦).
(٤٩١) التوبة / ٧٥. {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ} الآيات: ٧٥ - ٧٧.
(٤٩٢) آل عمران / ٣٥: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
(٤٩٣) رواه مسلم في الصحيح: كتاب النذر: باب لا وفاء لنذر في معصية الله: الحديث (٨/ ١٦٤١) في قصة العضباء ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأبو داود في السنن: كتاب الأيمان والنذور: باب في النذر فيما لا يملك: الحديث (٣٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>