للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المديون جبرًا، والطريق الثاني: طرد القولين في قسمة الأجزاء، وَقِسْمَةُ الأَجْزَاءِ إِفْرَازٌ فِي الأَظْهَرِ, لأنها لو كانت بيعًا لما دخلها الإجبار، ولما جاز الاعتماد على القرعة، ومعنى قولنا إفراز: أنَّ القسمةَ تُبَيِّنَ أن ما خرج لكل واحد منهما هو الذي ملكه، والثاني: أنها بيع؛ لأنه ما من جزء من المال إلا وكان مشتركًا بينهما، فإذا اقتسما! فكأنه باع كُلٌّ منهما ما كان له في حصة صاحبه بحصته، ووقع في الرافعي في أوائل باب الربا تصحيحه, وكذا في زكاة المعشرات.

وَيُشْتَرَطُ فِي الرَّدِّ الرِّضَا بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ، كما في الابتداء، وَلَوْ تَرَاضَيَا بِقِسْمَةِ مَا لاَ إِجْبَارَ فِيْهِ اشْتُرِطَ الرِّضَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ فِي الأَصَحِّ، كَقَوْلِهِمَا: رَضِيْنَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ، أَوْ بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ، الخلاف كالخلاف فيما إذا حكَّما رجلًا فحكم بينهما هل يكفي الرضا الأول أم لا؟ ثُمَّ اعْلَمْ بَعْدَ ذَلِكَ: أن مُراد المصنِّف بقسمة ما لا إجبار فيه قسمة الرد فقط؛ فإنه يقطع بأنه لا إجبار فيها، وصحح في قسمة الأجزاء والإفراز (•) والتعديل الإجبار، ففيه حينئذ تكرار؛ لأنه قطع قبل ذلك فيها باشتراط الرضى بعد خروج القرعة، والرافعي في الْمُحَرَّرِ فرضَ المسألة في قسمة ما يجبر فيه، فكأن (مَا) في الكتابة من طُغْيَانِ الْقَلَمِ، ثم أنه عبر في الروضة في الأظهر خلاف ما فعل هنا، نَعَمْ: تَبِعَ هُنَا الْمُحَرَّرَ.

وَلَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ غَلَطٌ أَوْ حَيْفٌ فِي قِسْمَةِ إِجْبَارٍ نُقِصَتْ، كما لو قامت بيّنة على ظلم القاضي وكذب الشهود، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَادَّعَاهُ وَاحِدٌ، أي من الشريكين، فَلَهُ تَحْلِيْفُ شَرَيْكِهِ, لأن له فيه غرضًا ظاهرًا، فإن نكل وحلف المدعى نقضت القسمة، وَلَوِ ادَّعَاهُ، يعني الغلط أو الحيف، فِي قِسْمَةِ تَرَاضٍ، أي بأن نصبا قاسمًا أو اقتسموا بأنفسهم، وَقُلْنَا: هِيَ بَيْعٌ، فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ لاَ أَثَرَ لِلْغَلَطِ، فَلاَ فَائِدَةَ لِهَذِهِ الدَّعْوَى، كما لا أثر للغبن في البيع والشراء، والثاني: أنها تنقض؛ لأنهما تراضيا لاعتقادهما أنها قسمة عدل، قُلْتُ: وَإِنْ قُلْنَا: إِفْرَازٌ نُقِضَتْ إِنْ ثَبَتَ, لأن الإفراز


(•) في النسخة (١): بدل الإفراز التعديل.

<<  <  ج: ص:  >  >>