تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ، لاشتمالها على زيادة وهي اكتراء جميع الدار، وَلَوِ ادَّعَيَا شَيْئًا فِي يَدِ ثَالِثٍ، أنكرهما، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَوَزَنَ لَهُ ثَمَنَهُ، فَإنِ اخْتَلَفَ تَأْرِيْخٌ! حُكِمَ لِلأَسْبَقِ, لأنه إذا باع من أحدهما لم يتمكن من البيع من الثاني، وَإِلَّا، أي وإن لم يختلف تاريخ، تَعَارَضَتَا، أي فيسقطان ويسترد الثمن إن لم تتعرض البينة لقبض المبيع، وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: بِعْتُكَهُ بِكَذَا، وَأَقَامَاهُما، فَإنِ اتَّحَدَ تَأْرِيْخُهُمَا تَعَارَضَتَا، لامتناع كونه ملكًا في وقت واحد لهذا وحده ولذاك وحده وكأنه لا بيّنة، وَإِنِ اخْتَلَفَ، أي تاريخهما، لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ، لإمكان الجمع، نعم: يشترط فيه زمن فيه يتأتى ذلك، وَكَذَا إِنْ أَطْلَقْتَا أَوْ إِحْدَاهُمَا، أي وأرخت الأخرى، في الأَصَحِّ، لما قلناه من إمكان الجمع، والثاني: أنهما كمتّحدتيْ التأريخ؛ لأن الأصل براءة المشتري فلا يلزمه إلاّ التعيين.
فَصْلٌ: وَلَوْ مَاتَ عَنِ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: مَاتَ عَلَى دِيْنِي، فَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَان نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ، أي مع يمينه لأن الأصل بقاء كفره، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْنِ، أي بأن قالت إحداهما: مات مسلمًا؛ وقالت الأخرى: مات نصرانيًا، قُدِّم، بِبَيَّنَتِهِ، الْمُسْلِمُ, لأن معها زيادة علم وهو انتقاله إلى الإِسلام فقدمت الناقلة على المستصحبة كما تُقدم بينة الجرح على التعديل، وَإِنْ قَيَّدَتْ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إِسْلَامٌ وَعَكَسَتْهُ الأُخْرَى تَعَارَضَتَا، لاستحالة موته عليهما فتسقطان وكأنه لا بيّنة، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِيْنُهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِيْنِهِ تَعَارَضَتَا، أي سواء أطلقتا أو قيدتا لفظه عند الموت، وَلَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ عَنِ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ الْمُسْلِمُ: أَسْلَمْتُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْمِيْرَاثُ بَيْنَنَا، فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: بَل قَبْلَهُ، أي فلا يرثه، صُدِّقَ الْمُسْلِمُ بِيَمِيْنِهِ، أي إذا لم تكن بيِّنَةٌ؛ لأن الأصل بقاؤه على دِينه فيحلف ويشتركان في المال، وَإِنْ أقَامَاهُمَا قُدِّمَ النَّصْرَانِيُّ، لأنها ناقلة والأخرى مستصحبة، فمع الأُولى زيادةُ عِلم، فَلَوِ اتَّفَقَا عَلَى إِسْلَامِ الاِبْنِ فِي رَمَضَانَ وَقَالَ الْمُسْلِمُ: مَاتَ الأَبُ فِي شَعْبَانَ، وَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: فِي شَوَّالَ