وَالتَّدْبِيْرُ تَعْلِيْقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، نظرًا إلى الصيغة، وَفِي قَوْلٍ: وَصِيَّةٌ، أي للعبد بالعتق نظرًا إلى أنه يعتبر من الثلث، فَلَوْ بَاعَهُ، أي وكذا لو وهبه ثم أقبضه، ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يَعُدِ التَّدْبِيْرُ عَلَى الْمَذْهَبِ، هذا الخلاف مبني على الخلاف المذكور قَبْلُ إن قلنا إنه وصية؛ فلا يعود الملك كما لو أوصى بشيء وباعه وعاد إلى ملكه، وإن قلنا إنه تعليق عتق بصفة فهو على الخلاف في عود الحنث، فالأظهر: أنه لا يعود فحصل أن الأظهر أنه لا يعود التدبير.
وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ كَأَبْطَلْتُهُ، فَسَخْتُهُ، نَقَضْتُهُ، رَجَعْتُ فِيْهِ صَحَّ إِنْ قُلْنَا: وَصِيَّةٌ، لأنه تصرف ينجز بالموت ويعتبر من الثلث، وَإِلَّا، أي وإن قلنا إنَّهُ تعليق عتق بصفة، فَلاَ، كما في سائر التعليقات، وسواء التدبير المطلق والمقيد على الأصح، وَلَوْ عُلَّقَ، عتق، مُدَبَّرٌ بصِفَةٍ صَحَّ، أي ويبقى التدبير بحاله كما لو دبر المعلق عتقه بصفة فإنه يجوز، وَعَتَقَ بِالأَسْبَقِ مِنَ الْمَوْتِ وَالصَّفَةِ، أي فإن وجدت الصفة قبل الموت عتق، وإن مات قبلها عتق بالتدبير، وَلَهُ وَطْءُ مُدَبَّرَةٍ، لبقاء ملكه، وَلاَ يَكُونُ رُجُوعًا، أي وإن جعلناه وصية سواء عزل أم لا، فَإِنْ أَوْلَدَهَا بَطَلَ تَدْبِيْرُهُ، لقوة الاستيلاد، وَلاَ يَصِحُّ تَدْبِيْرُ أُمَّ وَلَدٍ، لأنها تستحق العتق بعد الموت بجهة هي أقوى منه، وَيَصِحُّ تَدْبِيْرُ مُكَاتَبٍ، كما يصح أن يعلق عتقه بعد تدبيره على صفة، وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ، بناء على أنه تعليق عتق بصفة.
فَصْلٌ: وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا لاَ يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ حُكْمُ التَّدْبِيْرِ فِي الأَظْهَرِ، لأنه عقد يقبل الرفع فلا يسري إلى الولد كالرهن، والثاني: يثبت كما يَتْبَعُ ولد المستولدة أمه، وهذا ما صححه الرافعي في شرحه ورَدَّ عليه في الروضة بتصحيحه الأول في المُحَرَّرِ، وهذا إذا حدَثَ بعد التدبير وانفصل قبل موت السيد، فإن كانت حاملاً عند موته عتق معها قطعًا، كما لو اعتق حاملًا؛ فإن لم يحتملها الثلث حاملاً عتق منها قدر الثلث.
وَلَوْ دَبَّرَ حَامِلًا ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ التَّدْبِيْرِ عَلَى الْمَذْهَبِ، أي وإن قلنا الحمل لا يُعلَم