للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية أو سمعها، فلو سجد قبل الانتهاء إلى آخر آية السجدة، ولو بحرف واحد، لم يجز؛ صَرَّحَ به في شرح المهذب، ومقتضاه أن سماع الآية بكاملها شرط في القراءة حتَّى لا يكفي سماع كلمة السجدة فتنبه له. قُلْتُ: ويشترط أيضًا الكف عن المفسدات كالكلام والأكل والفعل فإن المصنف لم يعدّها هناك من الشروط.

وَمَنْ سَجَدَ فِيهَا، أي في الصلاة، كَبَّرَ لِلْهَوّي وَللرَّفْعِ، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ، أي فيهما معًا كما في صلب الصلاة. قُلْتُ: وَلَا يَجْلِسُ لِلاِسْتِرَاحَةِ، وَالله أَعْلَمُ؛ لأنه زيادة في الصلاة لم يرد فعلها، وَيقُولُ: سَجَدَ وَجْهِيَ لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، للاتباع إلاّ أنى لم أرَ في روايته لفظة و (صوَّره) ولهذا حذفها المصنف في تحقيقه، قال الغزالي رحمه الله تعالى: يدعو في سجوده بما يليق بالآية التي قرأها وهو حسن، ونحى نحوه صاحب البحر، وقال المصنف في تحقيقه يسبّح ويدعو كغيرها ويزيد: [سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ اللَّهُمَّ أُكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أجْرًا وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَتَقبَّلْهَا مِنّي كَمَا تَقبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدْ] وهذا الدعاء رواه التِّرْمِذِيّ وحسنه الحاكم وصححه (٥٢١).

وَلَوْ كَرَّرَ آيَةً فِي مَجْلِسَيْنِ سَجَدَ لِكُلِّ، لتجدد السبب بعد توفية الأول ما يقتضيه، وَكَذَا الْمَجْلِسُ فِي الَأصَحِّ، لما ذكرناه، والثاني: يكفيه الأولى كما لو كررها قبل أن يسجد للأولى، والثالث: إن طال الفصل سجد لكل مرة وإلا فلا، وَرَكْعَةٌ كَمَجْلِسٍ، أي وإن طالت، وَرَكعَتَانِ كَمَجْلِسَيْنِ، أي وإن قصرتا نظرًا إلى الاسم،


(٥٢١) رواه التِّرْمِذِيّ في الجامع: أبواب الصلاة: باب ما يقول في سجود القرآن: الحديث (٥٧٩) عن ابن عباس رضي الله عنهما. وقال التِّرْمِذِيّ: وفي الباب عن أبي سعيد، وهذا حديث حسن غريب من حديث ابن عباس، لا نعرف إلَّا من هذا الوجه. ورواه الحاكم في المستدرك: كتاب الصلاة: باب التأمين: الحديث (٧٩٩/ ١٢٦) وقال: هذا حديث صحيح رواته مكيون لم يذكر واحد منهم بجرح، وهو من شرط الصحيح ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص وقال: صحيح، ما في رواته مجروح.

<<  <  ج: ص:  >  >>