للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

متبنى المأموم، كأن يكون الإمام حنفياً والمأموم شافعياً، أو العكس؛ فليس الجامع من أمر الصلاة بينهما ما ينقض بناء الصلاة بالوصف التعبدي وطريقته الشرعية.

ولا اعتبار لنيه المقتدي، لأن الأصل في فعل المكلف التقيد بالحكم الشرعي بقصد العبادة على سبيل القربة. وكل منهما -أي الإمام والمأموم- ملتزم بالحكم الشرعي الذى غلب على ظنه من أدلته الشرعية أو باعتبار مرجعيته فى التقليد.

لهذا لا يرد اعتبار اختلافهما في المس وعلاقته في نقض الوضوء، ولا الفصل وغيرهما من المسائل الخلافية. فلا ينظر إلى فعل المقابل باعتبار نية الناظر، وإنما ينظر إلى فعله باعتبار أنه متقيد بحكم الله في حقه على ما وسعه اجتهاده في المسألة أو اجتهاد من قلده فيها، لأن الأصل في اعتباراتنا العملية الأحكام الشرعية وطرائقها، لا المتبنى عندنا من الأمور الخلافية.

*ـ أما أن المأموم لا يفارق الإمام خوف الفتنه، فهذا بعيد، لأنه لا فتنة والإمام يؤدى الصلاة بشروطها وأركانها وفق متبناه الفقهي؛ أما أنه إذا أحدث في الصلاة ما لا يعرف فيها، كأن صلاها من غير ركوع أو سجود، أو أنه صلى الظهر ثلاثاً، أو إنه اتجه إلى غير القبلة، أو أنه لا يركع أو لا يسجد، فإن صلاته ومن معه باطلة لا محالة. فليس الموضوع موضوع مفارقة أو عدمها، وإنما هو يصلي بطريقته لا بهدي سيدنا الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - فأيُّ فتنة أكبر من ذلك.

* أما إذا كان الإمام متغلباً أو من البغاة على الإمام الذى ترضاه الأمة وهو كان ولي أمرها بالبيعة، فإن المتغلب ينظر هو ومن يوليه على الناس في إمامة الصلاة، فإن أحسن فللرعية، وإن أساء لا يشاركونه في إساءته. أخرج البخارى عن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيّ؛ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنَ عَفْانَ - رضي الله عنه - وَهُوَ مَحْصُورٌ فَقَالَ: إِنَّكَ إمَامُ عَامَّةٍ، وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى، وَيُصَلِّي بِنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ. فَقَالَ: الصَّلاَةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ، فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ؛ وَإِذَا أَسَاؤُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ. رواه البخارى في الصحيح: كتاب الأذان: إمامة المفتون والمبتدع: الحديث (٦٩٥).

* عن أبي ذر قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ أُمَرَاءٌ

يُؤَخَّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ أَوْ يُمِيْتُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ ] قَالَ: قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرَنِي؟ قَالَ: [صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ] رواه مسلم في الصحيح: كتاب المساجد: باب كراهيه تأخير الصلاة: الحديث (٢٣٨/ ٦٤٨).

وأبو داود في السنن: الحديث (٤٣١). والترمذي في الجامع: الحديث (١٧٦). =

<<  <  ج: ص:  >  >>