للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا إلى الصف، والنصُّ في البويطى؛ أنَّه يقفُ منفردًا ولا يجذب إلى نفسه أحدًا.

وَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ، أي علم المأموم، بِانْتِقَالَاتِ الِإمَامِ، بالإجماع، ثم بيَّن مَا يَحْصُلُ بِهِ العلم فقال: بِأَنْ يَرَاهُ أوْ بَعْضَ صَفّ أَوْ يَسْمَعَهُ أَوْ مُبَلِّغًا، أي وإن لَمْ يُصَلِّ مع الإمام، وَإذَا جَمَعَهُمَا مَسْجِدٌ صَحَّ الاِقْتَدَاءُ وِإِنْ بَعُدَتِ الْمَسَافَةُ وَحَالَتْ أَبْنِيَةٌ، بالإجماع، وحكم المساجد المتلاصقة المتنافذة كمسجد على الأصح، وَلَوْ كَانَا بِفَضَاءٍ شُرِطَ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمَائَةِ ذِرَاعٍ، لقرب ذلك وبعد ما وراءه

في العادة، تَقْرِيبًا، لما ذكرناه، وَقِيلَ: تَحْدِيدًا، وهو غلط كما قاله الماوردى وهذا الوجه لأبي إسحق المروزي، وظاهره أنَّه لا يُغْتَفَرُ ما نَقَصَ عن ذلك وإن قل (•)، ولكن في الاستذكار عنه اغتفار ذراعين ونحوهما، فَلَوْ تَلَاحَقَ شَخْصَانِ أَوْ صَفَّانِ اعْتُبِرَتِ الْمَسَافَةُ، أي المذكورة، بَيْنَ الأَخِيرِ وَالأَوَّلِ، أي لا بين الأخير والإمام على الأصح، وَسَوَاءٌ، أي فيما ذكرنا، الْفَضَاءُ الْمَمْلُوكُ، وَالْوَقْفُ، وَالْمُبَعَّضُ، أي

الذي بعضُه ملكًا وبعضُه وقفًا، وَلَا يَضُرُّ الشَّارِعُ الْمَطْرُوقُ وَالنَّهْرُ الْمُحْوِجُ إِلَى سِبَاحَةٍ، أي يحول بينِ الإمام والمأموم وبين الصفين، عَلَى الصَّحِيح، لأن ذلك ليس بحائل، والثاني: يضر، ووجهه في الشارع وقوع الحيلولة عن الإطلاع على أحوال الإمام فتعسر المتابعة، فَإِنْ كَانَا فِي بِنَاءَيْنِ كَصَحْنٍ وَصُفِّةٍ، أَوْ بَيْتٍ فَطَرِيقَانِ،


* أما قوله بكراهة صلاة المنفرد خلف الصف، وليس ببطلانها، فلحديث أنس - رضي الله عنه -
قال: [صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَيَتِيْمٌ عِنْدَنَا وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا] وقد تقدم عزوه إلى مظانه. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى؛ الحديث (٥٣٢٢). والله أعلم.
* أما تفسير أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - للرجل أن يعيد صلاته، فأسند البيهقي الأثر فيه عن المغيرة عن إبراهيم: فِي الرَّجُلِ يُصَلِّى خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ فَقَالَ: صَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَلَيسَ لَهُ تَضْعِيْفٌ. قَالَ (الشيخ) يُريْدُ لَا يَكُونُ تَضْعِيْفُ الأَجْر بِالْجَمَاعَةِ، وَكَأَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَفَى فَضْلَ الْجَمَاعَةِ، وَأمَرَهُ بِالإِعَادَةِ لِتَحْصَلَ لَهُ زِيَادَةٌ، وَلَا يَعُودُ إِلى تَرْكِ السُّنَّةِ. والله أعلمُ. إنتهى. من السنن الكبرى: الأثر (٥٣١٦).
(•) في النسخة (١): أنَّه لا يغتفر غير ذلك وإن قل. وفي النسخة (٢): ما زاد على ذلك وإن قل. وأثبتنا ما دُوِّنَ في النسخة (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>