ينسب إلى أهل العلم في ذلك. وقطعًا حالُ شيخنا ابنُ النَّحَوِيِّ رحمه الله لا يختلف في المنهج عن سائر العلماء والفقهاء، إلا أنه يدرس مذهبًا من مذاهب المسلمين في الفقه، ويتعين عليه الالتزام بأصوله الفقهية وتوجهات الرأي فيه حسب توفر الأدلة أو رجحان وجه جديد للاستدلال؛ اعتمادًا على مناهج البحث المعتبرة في أصول الفقه وقواعد ضبط التفكر حسبها. فضلًا عن ذلك فإنه يشرح متنًا باعتبارات تقرير المسائل فيه بطريقة علمية رَسَتْ عليها أذهان العلماء ومصافِ الفكر عندهم إلى آراء حكمية تأخذ مشروعيتها من الأدلة وكيفيات الاستدلال المعتبرة عند المسلمين فضلًا أن الْمَلَكَةَ الذهنية لهؤلاء العلماء قد تعينت توجهاتها بذوق معين من الفكر والنظر والبحث على أصول مذهب الإمام الشافعي، وكما هو حال المذاهب الأخري في الفقه الإسلامي.
وأما عن سبب أو دافع ابن الملقن في تصنيف هذا الشرح فهو أنه لما احتاج الدارس المشرف على مصاف الرأي المعين في المسائل وفق مذهب الإمام الشافعي، ومن خلال متن (مِنْهَاجُ الطَّالِبِيْنَ) احتاج إلى المراجعة فيه في أُمهات الكتب ليتأتى له إدراك المراد والمعنى في ألفاظه وأدلته، لذلك نهجَ الإِمامُ ابن الملقن سبيلًا يُيَسِّرُ فيه على المشتغل بالدرس أمور العلم بمسائل المنهاج، قال في الشرح المبسوط له:
(فكتاب المنهاج ... من أنفع الكتب وأشرف المطالب وأولى ما اشتغل به اليوم في زماننا الطالب لقرب فوائده وإسراع عائديته. ولكن يحتاج المشتغل به إلى المطالعة عليه ليتصور مسائله وتتقرر عنده قواعده ويتضح لديه مشكله وينفتح عليه معضله، وليس عليه كتابًا شافٍ في ذلك ولا منهلاً يورد فيما هنالك)(٦٦).
قلتُ: وابن الملقن أهلٌ لذلك، سيما أنه يوثق على نفسه فيقول: (وكنتُ ممن لازمه حفظًا ثم بحثًا ثم اشتغالًا فاستخرتُ الله سبحانه وتعالى وله الخيرة في ذلك في تعليق شرح عليه نافع إن شاء الله تعالى ملخص من كلام الإمام الرافعي في شرحه
(٦٦) عمدة المحتاج إلى كتاب المنهاج: مخطوط: ج ١ ورقة ١.