للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عالماً بالتحريم لفحش المخالفة، وَاِلاَّ فَلاَ، أي وإن كان التقدم بركن فلا تبطل، لأنها مخالفة يسيرة مع كونه مرتكب الحرام، فيندبُ العود إن كان عامداً، أو يُخَيَّرُ بينَه وبين الدوام إن كان ساهياً، وَقِيلَ: تَبْطُلُ بِرُكْنٍ، أي عند العمد، سواء أتَمَّ أم لم يُتم، لأن التقدم يناقض الاقتداء بخلاف التخلف.

فَائِدَةٌ: سُئِلَ الحناطيُّ عن رجل أحرم بالقوم ثم أعاد التكبير خفية لنفسه بِنِيَّةِ الْفَائِتَةِ، ولم يشعر القوم بذلك بعد أن كبروا، فقال: تصح صلاة المأمومين في أصح الوجهين (٦٣٦).

فَصْلٌ: خَرَجَ الإِمَامُ مِنْ صَلاَتِهِ، أي بحدث وغيره، انْقَطَعَتِ الْقُدْوَةُ، لزوال الرابطة، ورأيت في فتاوى القفال، أن كل موضع بطلت صلاة الإمام خرج المأموم من صلاته وإن لم ينوِ مفارقته، وكل موضع خرج من إمامته لم تبطل، كما إذا تغير اجتهادُه في القبلة فلا بد من نية المفارقة، وكما لو اقتدى الإمام بآخر، وجوزناه، هذا لفظه والأول لا يُسَلِّم له، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَقَطَعَهَا الْمأْمُومُ جَازَ، أي مع الكراهة


(٦٣٦) تَنْبِيْةٌ: ما تقدم من متن المصنف رحمه الله وتفسير الشارح رحمه الله، يدخل تحت باب تحقيق مفاهيم أحكام الصلاة، شروطها وأركانها والواجب فيها، والاجتناب عن ما يفسد أمرها فيبطلها أو يُكره فيها، وهو ما يحتاج الانتباه من المكلف حين العبادة بتقصد الأمر فيها والاجتناب عن النهي قصداً على أوجه أحكامهما في أحكام الوضع أو أحكام التكليف. ثم الأصل في هذه الدقة والانتباه إليها الأمر الشرعي بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها؛ لقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [لبمؤمنون / ١ - ٢] ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً ثم انصرف- أي خرج بالسلام- فقال: [يَا فُلاَنُ أَلاَ تَحْسِنُ صَلاَتَكَ، أَلاَ يَنْظُرُ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى! كَيْفَ يُصَلَّي؟ فَإِنَّمَا يُصَلَّي لِنَفْسِهِ، إِنِّي وَاللهِ لأُبْصِرُ مَنْ
وَرَائِي كَمَا أُبْصِرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ] رواه مسلم في الصحيح: كتاب الصلاة: باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها: الحديث (١٠٨/ ٤٢٣). والنسائي في السنن: باب الركوع دون الصف: ج ٢ ص ١١٩. ولحديث أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [أَقِيْمُواْ الرَّكُوعَ وَالسُّجُودَ] رواه مسلم في الصحيح: الحديث (١١٠/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>