للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيْهٌ: نية الإقامة مطلقًا أو المدَّة المذكورة، لا فرق فيه بين أن يكون الموضعُ صالحًا للإقامةِ أوْ لا! كالمفازة على الأظهر، ثم مَحِلُّ الخلاف إذا نوى الإقامة وهو ماكث، أما إذا نواها وهو سائر، فلا يصر مقيمًا بلا خلاف، كما ادعاه في شرح المهذب، لكن في التهذيب للبغوي خلافه فاستفده (٦٤٦).

وَلَوْ أَقَامَ بِبَلَدٍ بِنِيَّةِ أَنْ يَرْحَلَ إِذَا حَصَلَتْ حَاجَةٌ يَتَوَقَّعُهَا كُلَّ وَقْتٍ قَصَرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا, لأنه - صلى الله عليه وسلم - أقامها بمكة يقصر الصلاة، رواه أبو داود ولم يضعفه، لكن في البُخَارِيّ تسعة عشر، قال البيهقي: وهي أصح الروايات فينبغي أن يُفتى بها (٦٤٧)،


(٦٤٦) في التهذيب: كتاب الصلاة: باب صلاة المسافر: ج ٢ ص ٣٠٤: قال البغري رحمه الله: وَلَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ إِقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الإِقَامَةِ؛ فِي مَفَازَةٍ أَوْ سَفِيْنَةٍ؛ هَلْ يَصِيْرُ مُقِيْمًا؟ فِيْهِ قَوْلَانِ؛ أَظْهَرُهُمَا يَصِيْرُ مُقِيْمًا؛ لأَنَّهُ نَوَى الإِقَامَةَ. وَالثَّانِي: لاَ يَصِيْرُ مُقِيْمًا؛ لأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ إِقَامَةٍ. إنتهى. وهذا ما عناه ابن الملقن رحمه الله في رد ادعاء النووي رحمه الله أن المسألة بلا خلاف، إذ البغوي نقل فيها الخلاف. والله أعلم.
(٦٤٧) مُدَّةُ الإِقَامَةِ الَّتِي يُقْصَرُ فِيْهَا:
• أما حديث أبي داود؛ فهو من رواية عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ؛ قالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ؛ فَأَقَامَ فِي مَكْةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ لَيْلَةً لاَ يُصَلِّي إلَّا رَكْعَتَيْنِ، وَيَقُولُ: [يَا أَهْلَ الْبَلَدِ صَلُّواْ أَرْبَعًا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ]. رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: باب متى يتم المسافر؟ الحديث (١٢٢٩)، وإسناده حسن.
• أما حديث البُخَارِيّ، فهو من رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ قال: [أَقَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ؛ فَنَحْنُ إِذًا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا] رواه البُخَارِيّ في الصحيح: كتاب تقصير الصلاة: باب ما جاء في التقصير: الحديث (١٠٨٠).
• أما قول البيهقي؛ أنَّه قال: واختلفت هذه الروايات في تسع عشرة وسبع عشرة كما ترى؛ وأصحها عندى والله أعلم؛ رواية من روى تسع عشرة. ينظر السنن الكبرى للبيهقي: كتاب الصلاة: باب المسافر يقصر ما لم يجمع مكثًا: النص (٥٥٦٨). وقال في السنن الصغرى: النص (٥١١): وأصح الروايات فيه: رواية ابن المُبارك ومن تابعه. والله أعلم. أي رواية ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>