للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكمالهم، وإنما لم تجب عليهم تخفيفاً، ووجه المنع القياس على العبد؛ وهو قولٌ لا وجه كما حكاه في الروضة تبعاً للرافعي، وَأَنَّ الإِمَامَ لاَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ، لإطلاق الأخبار، والثاني: يشترط لما روى أنه - صلى الله عليه وسلم - جَمَعَ بالمدينة ولم يُجْمِع بأقل من أربعين، قال الرافعي: وهذا يُشعر بزيادته على الأربعين، وَلَوِ انْفَضَّ الأَرْبَعُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ فِي الْخُطْبَةِ لَمْ يُحْسَبِ الْمَفْعُولُ فِي غَيْبَتِهِمْ، لأن مقصود الخطبة الاستماع والمراد بالأربعين العدد المعتبر وقد تقدم أن الإمام لا يشترط زيادته على الأربعين، وَيَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى إِنْ عَادُواْ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ، كما يجوز البناء إذا سلّم ثم تذكر قبل طول الفصل، وَكَذَا بِنَاءُ الصَّلاَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ إِنِ انْفَضُّواْ بَيْنَهُمَا، أي وعادوا قبل طول الفصل، فَإِنْ عَادُواْ، أي في المسألتين، بَعْدَ طُولِهِ وَجَبَ الاِسْتِئْنَافُ فِي الأَظْهَرِ، والخلاف مبنيٌّ على وجوب الموالاة في الخطبة، وَجْهُ الوجوبِ إتِّباع الأَوَّلِيْنَ، ووجهُ مقابلهِ أنَّ غرضَ الوعظِ والتذكيرِ يَحصلُ مع تفريق الكلمات.

فَرْعٌ: الاعتبار في طول الفصل وقصره بالعرف.

وَإِنِ انْفَضُّواْ فِي الصَّلاَةِ بَطَلَتْ، أي الجمعة ويتمها ظهراً؛ لأن العدد شرط في الابتداء فيكون شرطاً في سائر الأجزاء كالوقت، وَفِي قَوْلٍ لاَ، إِنْ بَقِيَ اثْنَانِ، لأن الثلاثة جمع كالأربعين، ولأنه يفتقر في الدوام ما لا يفتقر في الابتداء (٦٦٧).


السنن: كتاب المناسك: باب صفة حجه النبي - صلى الله عليه وسلم -: الحديث (١٩٠٥). والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب الجمعه: باب الإمام يمر بموضع لا تقام فيه الجمعة مسافراً:
الحديث (٥٧٢١)، وقال قبله: وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّاهَا يوْمَئِذٍ ظُهْراً لاَ جُمُعَةً.
(٦٦٧) لحديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ أقْبَلَتْ عِيْرٌ تَحْمِلُ طَعَاماً؛ فَالْتَفَتُواْ إِلَيْهَا؛ حَتَّى مَا بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الجمعة: باب إذا نَفَرَ النَّاسُ عن الإمام في صلاة الجمعة فصلاة الإمام وَمَنْ بَقِيَ جائزة: الحديث (٩٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>