للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْقِبْلَةِ، أي بسبب العدو للضرورة، وَكَذَا الأَعْمَالِ الْكَثِيرَةِ، أي كالضربات المتوالية، لِحَاجَةٍ فِي الأَصَحِّ، كما لو اضطروا إلى المشي فمشوا، والثاني: لا لندوره، وهو ضعيف؛ لأنه إنكار للمشاهدة، والثالث: تبطل إن كُرِّر في شخص لا أشخاص، أما إذا لم يحتج إليها فإنها تبطل قطعاً، لاَ صيَاحٍ، أي فإنه لا يعذر فيه مطلقاً لعدم الحاجة إليه بل الكمىُّ الْمُقَنَّعُ السَّاكِتُ أَهْيَبُ (•)، ويلْقِي السِّلاَحَ إِذَا دُمِيَ، لأنه يبطل الصلاة، قال الإمام: أو يرده سريعاً إلى قرابه الذي تحت ركابه، وخالف الروياني، فَإِنْ عَجَزَ أَمْسَكَهُ، وَلاَ قَضَاءَ فِي الأَظْهَرِ، لأن التلطخ به غالب، والثاني: يجب لندوره، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْمَأَ، لقول ابن عمر - رضي الله عنه -: (وَإِذَا كَانَ خَوْفٌ أَكَثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَصَلِّ رَاكِباً أَوْ قَائِماً تُوْمِئُ إِيْمَاءً) رواه مسلم (٧١٧)، وَالسُّجُودَ أَخْفَضَ، أي جعله أخفض من الركوع تمييزاً بينهما، وَلَهُ ذَا النَّوْعِ، أي وهو صلاة شدة الخوف (٧١٨)، فِي كُلِّ قِتَالٍ وَهَزِيمَةٍ مُبَاحَيْنِ، أي فلا يجوز في القتال المحرم بالإجماع، والمراد بالمباح هنا مالا إثم فيه ولو كان واجباً كقتال البغاة، وَهَرَبٍ مِنْ حَرِيقٍ وَسَيْلٍ، أي إذا لم يجد معدلاً عنهما لوجود الخوف، وَسَبُعٍ، أي


لَمْ تكُونُواْ تَعْلَمُونَ}.
(•) الكميُّ: الشُّجَاعُ الَّذِي كَمَى نَفْسَهُ أَيْ سَتَرَهَا بِاللُّبْسِ يُقَالُ: أَكْمَى الشَّيْءَ إِذَا سَتَرَهُ.
وَالْمُقَنَّعُ لاَبِسُ الْبَيْضَةِ.
(٧١٧) رواه مسلم في الصحيح: كتاب صلاة المسافرين: باب صلاة الخوف: الحديث (٣٠٦/ ٨٣٩).
(٧١٨) مثال ذلك حديث عبدالله بن أُنيس أَنَّهُ قَالَ: دَعاَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: [إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيَّ يجْمَعُ النَّاسَ لِيَغْزُوَنِي وَهُوَ بِنَخْلَةٍ أَوْ بِعُرَنَةَ فَاْتِهِ فَاقْتُلْهُ] فخرجت
متوشحاً بسيفى حتى دفعت إليه في ظعن يرتاد بهن منزلاً، حتى كان وقت العصر، فلما رأيته وجدت له ماوصف لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الْقُشْعَرِيْرَةِ، فأقبلت نحوه وخشيت أن يكون بيني وبينه مجادلة تشغلُني عن الصلاة، فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسى إيماءً، ... ، فلما قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [أَفْلَحَ الْوَجْهُ]. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب صلاة الخوف: الحديث (٦١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>