للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استدل لها بهذا الحديث، وَقِيلَ: تَحْرُمُ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَهُنَّ كما صححه الترمذي (٨٩١)، وَقِيلَ: تُبَاحُ، أي إذا أمِنَت الفتنة وصححه الروياني، وقيل: إن كانت لتجديد حزن ونحوه حُرِّم، أو للاعتبار فلا، أو إلا أن تكون عجوزًا لا تشتهى كحضور الجماعة فِي المساجد وهو حسن، وزيارتهن لقبر سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستحبة قطعًا ولقبر الأولياء والصالحين والشهداء جائزة قطعًا (٨٩٢)، وَيُسَلَّمُ الزَّائِرُ، للاتباع (٨٩٣)، وَيَقْرَأُ وَيَدْعُوُ، أي عقبها رجاء الأجابة، ويكون الميت كالحاضر يُرْجَى لَهُ الرحمة والبركة.

وَيَحْرُمُ نَقْلُ الْمَيِّتِ، أي قبل دفنه، إِلَى بَلَدٍ آخَرَ؛ لأن فِي نقله تأخير دفنه وتعريضه لهتك حرمته من وجوه، ولو أوصى بنقله لم تنفذ وصيته، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، حُكِىَ عن عائشةَ رضي الله عنها (٨٩٤)، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ مَكَّةَ أَوِ الْمَدِينَةِ أَوْ


(٨٩١) تقدم الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ رواه الترمذي فِي الجامع الصحيح: كتاب الجائز: باب ما جاء فِي كراهية زيارة القبور للنساء: الحديث (١٠٥٦)؛ وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(٨٩٢) قُلْتُ: لا أدرى لماذا هذا القطع هنا فِي زيارة قبور الأولياء والصالحين، والحكم بالجواز على وجه الكراهة، أما الزيارة لقبر الرسول سيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فالقطع بالجواز على
وجه الاستحباب قائم لا محالة.
(٨٩٣) لحديث سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُهُمْ إِذَا دَخَلُواْ الْمَقَابِرَ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ: (السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ؛ إِنَّا إِنْ شَاءَ
الله بِكُمْ لاَحِقُونَ، نَسْأَلُ الله لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ). رواه مسلم فِي الصحيح: كتاب الجائز: باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها: الحديث (١٠٤/ ٩٧٥).
والبيهقي فِي السنن الكبرى: الحديث (٧٣١٣).
(٨٩٤) هو حديث عبد الله بن أبي مُلَيْكَة، قال: تُوُفِّيَ عَبْدُ الرُّحْمَنِ بن أَبيِ بَكْرٍ بِحُبْشِيٍّ، قال: فَحُمِلَ إِلَى مَكَّةَ فَدُفِنَ فِيْهَا. فَلَمَّا قَدِمَتْ عَائِشَةُ أَتَتْ قَبْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي بَكْرٍ وقالتْ: (لَوْ حَضَرْتُكَ مَا دُفِنْتَ إِلَّا حَيْثُ مُتَّ. وَلَوْ شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ). رواه الترمذي فِي الجامع: كتاب الجنائز: الحديث (١٠٥٥). وأخرجه البيهقي: عن منصور ابن صفية عن أمه، قالت: مات أخ لعائشة رضي الله عنها؛ فِي بوادى الحبشة فحمل من مكانه، فأتيناها نعزيها، فقالت: [مَا أَجِدُ فِي نَفْسِي أَوْ يَحْزُنُنِي فِي نَفْسِي، إِلَّا =

<<  <  ج: ص:  >  >>