للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأيام؛ قال: فإنما كرهته أن لا يتأسى جاهل فيظن أن ذلك واجب، وإن فعل فحسن؛ نقله البيهقي عنه في كتابه فضائل الأوقات، ثم قال: بَيُّنَ الشافعيُّ - رضي الله عنه - وجه الكراهة ثم قال: وإن فعل فحسن، وذلك لأن من العلم العام فيما بين المسلمين أن لا يجب بأصل الشرع غير صوم شهر رمضان فارتفع بذلك معنى الكراهة.

وَصَوْمُ الدَّهْرِ غَيرَ الْعِيدِ وَالتشْرِيقِ مَكرُوهٌ لِمَنْ خَافَ بِهِ ضَرَرًا أَوْ فَوْتَ حَقٍّ وَمُسْتَحَبٌّ لِغَيرِهِ، هذا ما قاله الجمهور وحملوا النهي على الحالة الأولى أو على ما إذا لم يفطر أيام النهي وأطلق الغزالي أنه سُنَّةٌ وَتَبِعَهُ الحاوي الصغير.

فَرْعٌ: صومُ يومٍ وإفطارُ يومٍ أفضلُ من صوم الدهرِ قاله المتولى (١٠٠٤)، وَمَنْ تَلَبَّسَ


كتاب الصيام: باب صيام النبي - صلى الله عليه وسلم -: الحديث (١٧٤/ ١١٥٦). والتِّرمذيّ في الجامع: باب ما جاء في سرد الصوم: الحديث (٧٦٨)، مختصرًا، وقال: حديث صحيح. وفي الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: الحديث (٣٥٧٢)، والحديث (٣٥٧) قالت: (مَا صَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا كَامِلًا مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَمَضَانَ).
(١٠٠٤) هو على الاستحباب، وليس في الاستحباب أفضلية؛ لأنه مما يندب له ويُحَثُّ عليه؛ فهو على الأفضلية في أحواله كله. واحتج لهذا الفهم بأحاديث منها:
• حديث أبي موسى الأَشْعري - رضي الله عنه -؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: [منْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا] وَعَقَدَ تِسْعِينَ. رواه البيهقي محتجًا به على أنَّه لا كراهة في صوم الدهر: في السنن الكبرى: باب لم لم يرد بسرد الصوم: الحديث (٨٥٦٢). وفي الطَّبْرَانِيّ في المعجم الكبير؛ قاله في مجمع الزوائد: ج ٣ ص ١٩٣، وقال: رجاله رجال الصحيح.
• عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -؛ قال: (كَانَ أَبُو طَلْحَةَ لا يَصُومُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَجْلِ الْغَروِ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَم أرَهُ مُفْطِرًا إِلَّا يَوْمَ فِطْرٍ أوْ أَضْحَى). رواه البُخَارِيّ في الصحيح: كتاب الجهاد: باب من اختار الغزو على الصوم: الحديث (٢٨٢٨).
• عن عائشة رضي الله عنها؛ أَنَّ حَمْزَةَ بنَ عَمْرٍو الأسْلَمِيِّ؛ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَأَصُومُ في السَّفَرِ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ- فَقَالَ: [إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِن شِئْتَ فَأَفْطِرْ]. رواه البُخَارِيّ في الصحيح: باب الصوم في السفر: الحديث (١٩٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>