للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئًا فشيئًا، فِي الدِّينِ، ما شرعه الله لنا من الأحكام، اَلْعِبَادِ، جمع عبد، أَبْلَغَ حَمْدٍ، أي أنهاه، والمراد نسبة عموم المحامد إليه على جهة الإجمال، لأن بعض المحمود عليه وهو النعم لا يُتصوّر حصرها، وَأَكْمَلَهُ، أتمه، وَأَزْكَاهُ، أنماه، وَأَشْمَلَهُ، أعمّه، وَأَشْهَدُ، أعلم وأبين، وَالإلَهُ، في اللغة هو المعبود، وقوله (وَحْدَهُ) والإله هو مصدر في موضع نصب على الحال أي منفردًا، اَلْوَاحِدُ، المتوحد العالي عن الانقسام؛ وقيل:

الذي لا مثل له، اَلْغَفَّارُ، الستار، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سمي نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لكثرة خصاله المحمودة. الرسول هو الذي يبلغ أخبار من بعثه، وقيل: لتتابع الوحي إليه، وهو أخصّ من النبي، فإنه الذي أُوحي إليه للعمل والتبليغ بخلاف النبي فإنه الذي أُوحي إليه للعمل فقط، اَلْمُصْطَفَى، من الصفوة وهو الخلوص، اَلمُخْتَارُ، أصله مُخْتِيْرُ فهو عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أفضلُ المخلوقات، ومذهب أهل السنة: أن النوع الإنساني أفضل من نوع الملائكة خلافًا للمعتزلة، الصلاة من الله رحمة مقرونة بتعظيم، ومن الملائكة استغفار، ومن الآدمي تضرع ودعاء، لَدَيْهِ، أي عنده.

أَمّا بَعْدُ، أي أمَّا بعدُ ما سبقَ وهو الحمد والصلاة، وبدأ بها للأحاديث الصحيحة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقولها في خطبه وشبهها، رواه عنه إثنان وثلاثون


المجموع شرح المهذب: ج ١ ص ٧٤ ودقائق المنهاج: ص ٢٦. وعلى ما يبدو لي أن تصويب ابن الملقن رحمه الله واضح في البيان، إذ عدَّ الرفق: هو خلق قدرة الطاعة في العبد؛ كما تقدم. ثم عرَّف التوفيق: تسهيل سبيل الخير وعكسه الخذلان، فالرفق متعلق بالخلق، فيصح فيه ما تقدم، والتوفيق متعلق العمل، وأعمال الإنسان في غير دائرة القضاء والقدر مختارة من نفسه، وتوفيق الله عز وجل له بها، أن تُهَيَّأَ الأسباب له، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت / ٦٩] فتسهيل سبيل الخير للعبد، بأن تتيسر له الأسباب من الله عزَّ وجل هو التوفيق وهو غير الرفق الذي يقابله الشدَّة، لا الخذلان الذي يقابل التوفيق، قال تعالى: {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ} [آل عمران / ١٦٠]. فالتوفيق غير الرفق، فالرفق هو خلق القدرة على الطاعة في العبد، والتوفيق هو
تهيئة الأسباب للعبد في الخير أو كما قال ابن الملقن هو تسهيل سبيل الخير والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>