للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأصح بقاء التحريم، لأنه يحسِّن الشعر إذا نبت، واحترز أيضًا بالرأس واللحية عن دهن باقى البدن؛ فإنه يجوز شعرًا كان أو بشرًا لأنه لا يقصد تحسينه، وفي الإقناع للماوردي: الجزمُ بالتحريم في شعر الجسد أيضًا (١١٦٨) ولا شك أن المحرم له فعل ذلك بالحلال كما ذكر الرافعي مِثلَهُ في الحلق، إنما الممتنع أن يفعل ذلك بنفسه أو بمحرم آخر، ولا يُكْرَهُ غَسْلُ بَدَنِهِ وَرَاسِهِ بِخِطْمِيّ، أي وكذا ما في معناه كالسدر، لأن ذلك لإزالة الأوساخ بخلاف الدهن فإنه للتنمية، نعم الأوْلى أنْ لا يفعل ذلك بل حكى كراهته عن القديم، وإذا غسل رأسه فينبغي أن يرفق بالدلك حتى لا ينتتف شعره. وَاعْلَمْ: أن المصنف في الروضة تبعًا للرافعى جعل استعمال الطيب نوعًا والدهن نوعًا وجعلهما في الكتاب نوعًا واحدًا تبعًا لِلْمُحَرَّرِ، وكان سبب ذلك تقاربهما في المعنى، وأن كلًا منهما تَرَفةٌ وليس فيه إزالة عين.

الثَّالِثُ: إِزَالَةُ الشَّعْرِ أَوِ الظُّفْرِ، أما الأول فلقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} (١١٦٩) أي شعر رؤوسكم وشعر سائر الجسد ملحق به بجامع الترفُّهِ، وأما الثاني: فبالقياس المذكور، وقوله (إِزَالَةُ) يتناول الحَلْقَ والقَلْمَ وغيرهما، ومراده إزالةُ ذلك من نفسهِ أو من مُحْرِمٍ، أما من حَلالٍ فلا، كما تقدمت الإشارة إليه، وإزالة الشعرة الواحدة حرام أيضًا لما ستعلمه بعد.


(١١٦٨) قال الماوردي: (والسادس: الدُّهْنُ إن كان مُطَيِّبًا حَرُمَ استعماله في الشعر والبدن؛ فإن كان غير مُطيب حَرمُ تَرْجِيْلُ الشعر به في الرأس والجسد؛ ولا يحرم استعماله فيما لا شعر فيه من الجسد، ويفتدي ما حَرُمَ منه بِدَمِ إِنْ عَمِدَهُ): الإقناع في الفقه الشافعي للماوردي: باب ما يَحْرُم في الإحرام: ص ٨٩ - ٩٠.
(١١٦٩) البقرة / ١٩٦: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب}.

<<  <  ج: ص:  >  >>