فإنه ذو شوك فأشبه ما يؤذي من الصيود، وقيل: يحرم لعموم الحديث السالف [لا يُعْضَدُ شَوكُهُ] ولأن غالب شجر الحرم كذلك، والفرق بينه وبين الصيود المؤذية أنها تقصد الأذى بخلاف الشجر.
وَالأصَحُّ حِلٌّ أَخْذِ نَبَاتِهِ لِعَلْفِ البَهَائِمِ، كما يجوز تسريحها فيه، والثانى: المنع لقوله عَلَيْهِ الصلاة والسلام: [ولا يُختلَى خَلاهَا] متفق عليه (١١٨٤)، قال الإمام: والقائل الأول، يقول: إنما يحرم الاختلاءَ والاحتشاشَ للبيع وغيرهِ من الأغراض، قُلْتُ: اللَّهُمَّ إلَّا أن يقطع الفروع لسواك أو دواء فيحوز بيعها حينئذ؛ قاله القفال في شرحه للتلخيص، وتعقبه في الروضة قبل باب الربا فقال: فيه نظر، وينبغي ألّا يجوز كالطعام الذى أبيح له أكله، لا يجوز له بيعه. قال صاحب التلخيص: وحكم شَجَرِ النَّقِيْع بالنون الذي هو الحمى حكم أشجار الحرم فلا يجوز بيعه.
فَائِدَة: العلْف هنا بسكون اللام كما رأيته بخط مؤلفه مضبوطًا؛ لأن المراد به المصدر وهو الإطعام وهو بفتح اللام ما تعتلفه البهائم.
وَللدَّوَاءِ، وَالله أَعْلَمُ، لأن هذه الحاجة أعم من الحاجة إلى الإِذخِرِ، والثاني: المنع؛ لأنه ليس في الخبر إلّا استثناء الإِذْخرِ ومنهم من قَطعَ بالأول.
فَرْعٌ: في معنى الدواء ما يُتَغَذَّى به كَالبَقلةِ وَالرِّجْلَةِ ونحوهما وهما في معنى الزرع.
(١١٨٤) الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ افْتَتَحَ مَكَّةَ: [لا هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ؛ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا؛ فَإِنَّ هَذَا بَلَدٌ حَرَّمَ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ؛ وَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ القِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ؛ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، ولا يُخْتَلَى خَلاهَا]. قَالَ العَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الإِذْخِرَ؛ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ؟ قَالَ: [إِلَّا الإِذْخِرَ]. رواه البخارى في الصحيح: كتاب جزاء الصيد: باب لا يحل القتال بمكة: الحديث (١٨٣٤). ومسلم في الصحيح: الحديث (٤٤٥/ ١٣٥٣).