للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ: وَيتَخَيَّرُ فَي الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ بَيْنَ ذَبْحِ مِثْلِهِ وَالصَّدَقَةِ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَبَينَ أَن يُقَوَّمَ الْمِثْلُ دَرَاهِمَ وَيشْتَرِى بِهِ طَعَامًا لَهُمْ، أي لأجلهم، أوْ يَصُومَ عنْ كُلِّ مُدٌّ يَوْمًا، لقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} إلى قوله {صِيَامًا} (١١٨٨) وهذه الكفارة تسمى مخيرة معدلة؛ لأن الله تعالى قال: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} ولا يجوز إخراج المثل حيا كما أخرجه بقوله (ذبْحِ مِثْلِهِ) ولا أكل شئ منه ولا يقوّم الصيد كما قاله مالك، ولا إخراج الدراهم كما قاله أبو حنيفة، وقوله (دَرَاهِمَ) ذكره على الغالب وإلّا فالمعتبر النقد الغالب والشراء ليس مُتَعَيِّنًا وإنما المراد التصدق بما يساوي النقد من الطعام كما أشار إليه الإمام وغيره، والمجزي في الطعام هو ما يجزي في الفطرة قاله الإمام، وَغَيْرُ الْمِثْلِيِّ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا أَوْ يَصُومُ، أي ولا يخرج الدراهم، لأنه لا مدخل لها في الكفارات أصلًا، وقد تقدم أن العبرة في هذه القيمة بموضع الإتلاف لا بمكة على المذهب، وَيَتَخَيَّرُ فِي فِديَةِ الْحَلْقِ بَيْنَ ذَبْحِ شَاةٍ، وَالتَّصَدُّقِ بِثَلَاثةِ آصُع لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (١١٨٩) التقدير فحلق شعر رأَسه ففدية كما سلف، ثم أن هذه الآية مجملة بيَّنها حديث كعب بن عجرة السالف في الباب قبل النوع الرابع؛ فدلَّت الآية على تخيير المعذور بين هذه الأمور التي بَيَّنَتْهَا السُّنةُ فكذلك غير المعذور، لأن كل كفارة ثبت فيها التخيير إذا كان سببها مباحًا ثبت فيها التخيير، وإن كان سببها محرمًا ككفارة اليمين وقتل الصيد وغيرهما، وأغرب الخطابي فحكى عن الشافعى أن غير المعذور عليه الدم فقط وهذا مشهور عن أبى حنيفة. ثم شرطَ الشاة أن تجزي في


(١١٨٨) المائدة / ٩٥: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}
(١١٨٩) البقرة / ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>