للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحلل؛ لتمكنه من التحلل بالطواف والحلق وجبر الأولين بالدم، وَالْفَوَاتُ مصدر فَاتَ فَوْتًا وَفَوَاتًا: إذا سبق فلم يدرك، والمراد هنا فواتُ الحجِّ، فإن العمرة لا تفوتُ لإتساع وقتها، نَعَمْ: القارنُ قد تفوته العمرة تبعًا لفوات الحج.

مَنْ أُحْصِرَ، أي منعه من إتمام نُسُكِهِ عَدُوٌّ، تَحَلّلَ، لقوله تعالى: {فَإنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْي} (١١٩٢) أي فإن أحصرتم وأردتم التحلل، لأن مجرد الإحصار لا يوجب الهدي، فإن الآية نزلت بالحديبية حين صَدَّ المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البيت، وكان قد أحرم بعمرة؛ فنحر ثم حلق ثم رجع وهو حلال (١١٩٣)، قال الماوردي: ولا يتحلل إذا علم أن العدو ينكشف في زمان يتسع للحج أو في زمن قريب إذا كان معتمرًا وهو ثلاثة أيام، وَقِيلَ: لا تَتَحَلَّلُ الشِرذِمَةُ، لأنه لم يَعُمَّ الكُلَّ فأشبه المرض وخطأ الطريق، وهذا قول كما بيّنه في الروضة تبعًا للرافعي لا وجه، ولا تَحَلُّلَ بِالمَرَضِ، أي بل يصبر حتى يبرأ، فإن كان محرمًا بعمرة أتمها أو بحج وفاته تحلل بعمل عمرة وذلك إجماع الصحابة كما قال الماوردى، ومال الشيخ عز الدين في قواعده إلى جواز التحلل به من غير اشتراط لما في البقاء على الإحرام من مشقة والعسر الدائم، فَإنْ شرَّطَهُ، أي مقارنًا لإحرامه، تَحَلَّلَ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، لحديث ضُباعة في الصحيحين (١١٩٤)، والثاني: لا يجوز؛ لأنها عبادة لا يجوز الخروج


(١١٩٢) البقرة / ١٩٦.
(١١٩٣) عن ابن عمر رضى الله عنهما؛ قال: (خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَمِرِينَ؛ فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ البَيْتِ, فَنَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُدْنَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ). رواه البخارى في الصحيح: كتاب المحصر: الحديث (١٨١٢)، وفي كتاب المغازى: باب غزوة الحديبية: الحديث (٤١٨٥) بلفظ: [خَرَجْنَا مَعَ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَحَالَ كُفْارُ قُرَيْشٍ دُوْنَ البَيْتِ، فَنَحَرَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَدَايَاهُ وَحَلَقَ وَقَصَّرَ أَصْحَابُهُ].
(١١٩٤) عن عائشة رضي الله عنها؛ قَالَت: (دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ؛ فَقَالَ لَهَا: [لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الحَجَّ؟ ] قَالَتْ: وَاللَّهِ لا أَجِدُنِي إِلَّا وَجِعَةً! ! فَقَالَ لَهَا: [حُجِّي وَاشْتَرِطِي؛ وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي] وَكَانَتْ تَحْتَ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ). رواه البخاري في الصحيح: كتاب النكاح: باب الأكفاء في الدين: الحديث (٥٠٨٩).=

<<  <  ج: ص:  >  >>