للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُعتَبَر غَالِبُ عَادَةِ أهْلِ الْحِجَازِ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله صَلى الله عَلَيْهِ وَسلمَ، أي في كون الشئ مكيلًا أو موزونًا لأن الظاهر أنه عَلَيْهِ الصلاة وَالسَّلاَمُ اطَّلَعَ عَلَيْها وَأَقَرَّها، فَلَوْ أحدَثَ الناسُ خِلافَ ذَلِكَ فلا اعتِبَارَ بِإِحدَاثِهِم، وَمَا جُهِلَ، أي هل كان يكال في عهده أو يوزن وكذا إذا علم أنه كان يكال مرةً ويوزن أخرى ولا غالب، يُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ بَلَدِ الْبَيْع، لأن الشئ إذا لم يُحَد في الشرع كان الرجوع فيه إلى عادة الناس كما في القبض والحرز، وَقِيلَ: الْكَيْلُ، لأنه أعم؛ فإن أكثر ما ورد فيه النص مكيل (١٨)، وَقِيلَ: الْوَزْن، لأنه أحصر وأقل تفاوتًا، وَقِيلَ: يَتَخَيرُ، للتساوي، وَقِيلَ: إِن كَان لَهُ أصل، أي معلوم المعيار، اعتُبِرَ، أي به مراعاة لأصله وهذا كله إذا لم يكن أكبر جرمًا من التمر، فإن كان كالجوز فالاعتبار فيه بالوزن، لأنه لم يعهد الكيل بالحجاز فيما هو أكبر من التمر قاله المتولي، وجزم به الرافعي في آخر الباب.

وَالنقْدُ بِالنقْدِ كَطَعَامٍ بِطَعَامٍ، أي في اشتراط الأمور الثلاثة السالفة عند اتحاد الجنس، والآخرين عند عدمه؛ بأن يبيع الذهب بالفضة لحديث عبادة السالف والتبر والسبائك والحلي كالنقد. وَلَوْ بَاعَ جِزَافًا تَخْمِينًا لَمْ يَصِح وَإِن خَرَجَا سَوَاءً، أي نقدًا كان أو مطعومًا؛ لأن التساوي شرط والجهل به عند العقد مُضِرٌّ، وهذا معنى قول الأصحاب: الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيْقَةِ الْمُفَاضَلَةِ، وَتُعتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ وَقْتَ الْجَفَافِ، أي في الثمار والحبوب، وَقَد يُعتَبَرُ الْكمَالُ أَولًا، أي كما في العرايا، فإن اعتبار الجفاف في المماثلة لم يوجد آخرًا؛ بل أولًا.

فلا يُبَاعُ رُطَبٌ بِرُطَبٍ، للنهي عنه (١٩)، ولا بِتمرٍ، ولا رطب بتمر لتعيُّنِ


(١٨) لحديث جابر - رضي الله عنه -؛ قال: (نَهى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيع الصُبْرَةِ مِنَ التمرِ لا يُعلَمُ مَكِيلُها، بِالكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنَ التمرِ). رواه مسلم في الصحيح: كتاب البيوع: باب تحريم بيع صُبْرَةَ التمر المجهولةِ: الحديث (٤٢/ ١٥٣٠). وفي الباب عن عبادة بن الصامت وأبو هريرة رضى الله عنهما.
(١٩) لحديث سعد بن أبى وقاص - رضي الله عنه -؛ قال: (سُئِلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اشْتِرَاءِ الرُّطَبِ بِالتمرِ =

<<  <  ج: ص:  >  >>