للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العتق والولاء، ولم ينكر عَلَيْهِ الصلاةُ وَالسَّلام إلا اشتراط الولاء، والثانى: لا يصحان؛ كما لو شرط بيعه أو رهنه، والثالث: يصح العقد ويبطل الشرط، أما إذا قال: بشرط إن تعتقه عني فهو لاغٍ، وكذا إذا اشترى من يعتق عليه بشرط اعتاقه لتعذر الوفاء به فإنه يعتق عليه قبل إعتاقه، وَالأصَحُّ أَنُّ للبائِع مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِالإعتَاقِ، فإنه يثاب على شرطه وله غرض في تحصيله، والثانى: لا، لأنه لا ولاية له على حق الله تعالى، وهذا الحلاف مبني على أن العتق المشروط حق لله تعالى كالملتزم بالنذر وهو الأصح، أما إذا قلنا بالوجه الآخر إنه حق للبائع فيطالب به جزمًا، وَأَنهُ لَوْ شَرَطَ مَعَ الْعِتْقِ الْوَلاءَ لَهُ أَوْ شَرَطَ تدبِيرَهُ أَوْ كِتَابَتَهُ أَوْ إعتَاقَهُ بَعدَ شَهْرٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْع، أما الولاء؛ فلأن شرطه يتضمن نقل الملك إلى البائع وارتفاع العقد، وأما الباقى فلأن العتق ليس بناجز، والثاني: الصحة، أما في الولاء فلحديث بَرِيْرَةَ حيث قال: [اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاء] (٣١)، لكن لهم هنا بمعنى عليهم كما في قوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (٣٢) أي عليها، ويدل عليه أنه أنكر الشرط، ووجه الصحة في


= يَشْتَرِطُوأ وَلًاءَها) فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ لِلنبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَها النْبِى - صلى الله عليه وسلم -: [اِشتَرِيها، فَإِنْمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعتَقَ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الزكاة: باب الصدقة على موالي أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: الحديث (١٤٩٣). ومسلم في الصحيح: كتاب العتق: الحديث (١٢/ ١٥٠٤).
(٣١) عن عائشة رضى الله عنها؛ قالت: دَخَلَت عَلَى بَرِيْرَة؛ فَقَالَت: إِن أهلِى كَاتَبُونِى عَلَى تسْع أوَاقٍ في تِسْع سِنِيْنَ فِي كُل سَنَةٍ أوْقِيَّة فَأعِينينِي؟ فَقُلتُ لَها: إِن شَاءَ أهلُكِ أَنْ أعُدَّها لَهُم عَدةَ وَاحِدَةً وَأعتُقُكِ وَيَكُونُ الوَلاءُ لِى فَعَلْتُ! فَذَكَرَت ذَلِكَ لأَهْلِها فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلاءُ لَهُم. فَأَتَتْنِي فَذَكَرَتْ ذَلِكَ؛ قالت: فَانتهزتُها! فَقَالت: لا ها للهِ إِذَا قَالَتْ فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلنِى؛ فَأخبَرتُهُ؛ فَقَالَ: [اعتِقيها، وَاشترِطِي لَهُمُ الوَلاءَ؛ فَإنمَا الوَلاءُ لِمَنْ أعتَقَ] فَفَعَلْتُ. قَالَت: ثُمَ خَطَبَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَشِيةً؛ فَحَمَدَ الله وَأثنى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: [أمَّا بَعدُ؛ فَمَا بَالُ أقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ الله، مَا كَانَ مِنْ شرط ليسَ في كِتَابِ اللهِ عَز وجل فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرطٍ، كِتَابُ اللهِ أَحَقُّ وَشَرطُ اللهِ أوْثَقُ، مَا بَالُ رِجَالٍ مِنْكم يَقُولُ أحَدُهُم: اِعتِق فُلانًا وَالوَلاءُ لِي، إِنْمَا الوَلاءُ لِمَنْ أعتَقَ]. رواه مسلم في الصحيح: كتاب العتق: باب بيان إنما الولاء لمن أعتق: الحديث (٨/ ١٥٠٤).
(٣٢) الإسراء / ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>