للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحترَز بالمعاوضة عن صلح الْحَطِيْطَةِ (٤٨) فإنه لا خيار فيه، لأنه إن ورد على دين فإبراء، أو على عين فهبة، والصلح على المنفعة ودم العبد لا خيار فيهما قاله القاضي، ولا خيار في القسمة والحوالة على الأصح وإن جعلناهما بيعًا، ولا في بيع العبد من نفسه على الأصح.

وَلَوِ اشْتَرَى مَنْ يَعتِقُ عَلَيْهِ، فإن قُلْنَا: الْمِلْكُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِع؛ أَوْ مَوْقُوفٌ، فذَلَهُمَا الْخِيَارُ، لوجود المقتضى له بلا مانع، وَإِن قُلْنَا: لِلْمُشْتَرِي؛ تَخيرَ الْبَائِعُ، لما سبق، دُونَهُ، لأن مقتضى ملكه له أن لا يتمكن من إزالته وأن يترتب عليه العتق فلما تعذر الثاني بقى الأول، ولا خِيَارَ فِي الإبرَاءِ وَالنكَاح وَالْهِبَةِ بِلا ثَوَابٍ، أي وهى التي صرح بنفيه عنها لانتفاء اسم البيع عنها، وَكَذَا ذَاتُ الثوَابِ، أي بعد قبض الموهوب، لأنها لا تسمى بيعًا، والنص ورد في المتبايعين، وَالشفْعَةُ، لأن المأخوذ منه لا خيار له وتخصيص خيار المجلس بأحد الجانبين بعيد، وَالإجَارَةُ، لأنها عقد غرر إذ هو عقد على معدوم، والخيار غرر ولا يضمُّ غررٌ إلى غرر، وَالْمُسَاقَاةُ، كالإجارَةِ، وَالصَّدَاقُ، لأن المال تبع في النكاح لا مقصود، فِي الأصَحِّ، أي في المسائل الخمس، والثانى: أن الخيار ثابت في الجميع، أما في الهبة: فلأن الأصح أنها بيع اعتبارًا بالعنى، وأما في الشفعة: فلأن الأخذ بها ملحق بالمعاوضات بدليل الردِّ بالعيب، وهو ما صححه الرافعي في بابها، وأما الإجارة: فلأنها معاوضة لازمة


= مِنْ رَجُلٍ بَيعًا، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيَارِ حَتى يَتَفَرقَا مِنْ مَكَانِهِمَا، إِلَّا أنْ يَكُونَ صفَقَة خِيَارٍ، ولا يَحِل لأحَدٍ أنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ مَخَافَةَ أن يُقِيْلَهُ]. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب البيوع: باب المتبايعان بالخيار: الحديث (١٠٥٨٦).
(٤٨) الْحَطيطَةُ في اللغة من (حَط) أىْ نَزَلَ، و (المحط) الْمَنْزِلُ. وَالحُطُطُ- بِضَمَتَيْنِ- الأبْدَانُ الناعِمَةُ. وَالْحَطيطَةُ: مَا نَزَلَ مِنَ الثمَنِ وَمَا يُحَطُّ مِنْهُ. قال أهل التفسير: الْحَط: إِنزَالُ الشيء مِنْ عُلُو. وَفِى الأَثمَانِ هُوَ مَا أسْقَطَ مِنَ الثمَنِ. واسمُ المَحطُوطِ: الْحَطِيْطَةُ. وَالحَطيطَةُ في اصطِلاح الفُقَهاءِ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبَيْع، وَفِي عرفِهم يَرجعُ البَائِعُ إِلَى الاِعتِبَارِ بِمِثْلِ الثمَنِ الذي اشْتَرَى بِهِ، مَعَ إِسْقَاطِ قَدر مَعلُومٍ مِنهُ. فَيَضع البَائعُ شَيْئًا مِنٍ الثمَنِ بمَا يَصطَلِحُ عَلَيهِ مِعَ الْمشتَرِي مِنْ غيْرِ خِيَارٍ، وَلهذَا هُوَ صلح وَليسَ مُعَاوَضَة؛ ويسَمَّى وَضيْعَة وَنَقِيْصَة أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>