للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه لأنه إذا امتنع الأجل امتنع الخيار بطريق أَولى، قُلْتُ (•): ولا خيار أيضًا في الحوالة وإن جعلناها بيعًا، ولا فيما إذا اشترى من يعتق عليه أن ينفرد به، ولا خيار في المصراة أيضًا للبائع، لأنه يمنع من الحلب وترك الحلب يَضُرُّ بِالبَهِيْمَةِ، وَإنمَا يَجُوزُ فِي مُدَّةٍ مَغلُومَةٍ، نفيًا للغرر، لا تَزِيدُ عَلَى ثَلاثةِ أيامٍ (٤٩)، لاندفاع الحاجة بها غالبًا، فلو زاد عليها بطل العقد، ولا يخرج على تفريق الصفقة لوجود الشرط الفاسد وهو مبطل للعقد، قُلْتُ: ويشترط أيضًا أن تكون المدة متصلة بالعقد، وأن يكون المبيع لا يفسد فيها.

وَتُحسَبُ، أي ابتداء المدة، مِنَ الْعَقْدِ، أي إذا أطلقا، لأنه ثبت بالشرط الموجود في العقد، وَقِيلَ: مِنَ التفَرُّقِ، لأن الجمع بين خيارين متماثلين في وقت واحد لا معنى له، ونسبه الماوردي إلى الجمهور وقال الإمام: ميل النص إليه أكثر، وَالأظْهرُ، أن في خيار المجلس والشرط، أَنهُ إِن كَان الْخِيَارُ لِلْبَائِع، فَمِلْكُ الْمَبِيع لَهُ، وَإن كَان لِلْمُشتَرِي فَلَهُ، لأنه إذا كان الخيار لأحدهما كان هو وحده متصرفًا في المبيع ونفوذ التصرف دليل على الملك، وَإن كَان لَهُمَا فَمَوْقُوفٌ، لأنهما قد تساويا، فَإن تَم الْبَيْعُ بَان أنهُ لِلْمشترِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَإلَّا فَلِلْبَائِع، والثاني: أن المِلْكَ للمشتري مطلقًا لتمام البيع بالصيغة، والثالث: أنه للبائع مطلقًا استصحابًا لما كان، وتظهر فائدة الخلاف في الاكساب وما في معناها.

وَيَحصُلُ الْفَسْخُ وَالإجَارَةُ بِلَفظٍ يَدُل عَلَيْهِمَا: كَفَسَخْتُ الْبَيْعَ؛ وَرَفَعتُهُ؛


(•) في نسخة (٣): فَرعٌ.
(٤٩) لحديث ابن عُمَرَ قال: كَانَ حبانُ بنُ مُنقِذٍ رَجُلًا ضَعِيفًا، وَكَانَ قَدْ سُفِعَ في رَأسِهِ مَأمُومَةَ؛ فَحَعَلَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لَهُ الخيارَ فِيْمَا اشتَرَى ثَلاثًا، وَكَانَ قد ثَقُلَ لِسَانُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: [بع وَقُل: لا خَلابَةَ] فَكنْتُ أَسْمَعُهُ يَقُولُ: لا خَذَابَةَ. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب البيوع: باب الدليل على أن لا يجوز شرط الخيار: الحديث (١٠٥٩٥) وأصله في الصحيحين. والسفْعُ: العَلامَةُ وَالأثَرُ؛ وَالمَأمُومَةُ: هِىَ الشجةُ التى بَلَغَت أمَّ الرأسِ وَهِىَ الجِلْدَةُ التى تَجمَعُ الدمَاغَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>