كلامه يوهم أن الخلاف في هذه الصورة في الرد، وليس كذلك فإنه قد تعذر بموته، وإنما الخلاف في أن المبيع من ضمان البائع حتى ينفسخ أم لا.
وَلَوْ قُتِلَ بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ ضَمِنَهُ الْبَائِعُ فِي الأَصَحِّ، لأن التلف حصل بسبب كان في يده فأشبه ما لو باع عبدًا مغصوبًا فأخذه المستحق منه، والثاني: يضمنه المشتري؛ لأن القبض سلطه على التصرف، ولا يخفى أن الكلام بعد القبض، فإن كان قبله انفسخ قطعًا، وأن محلَّ الخلاف حالة جهل المشتري بحاله، فإن كان عالمًا فلا يرجع بشيء.
وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنَ الْعُيُوبِ، فَالأظْهَرُ: أَنهُ يَبْرَأُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ بَاطِنٍ بِالْحَيْوَانِ لَمْ يَعْلَمْهُ دُونَ غَيْرِهِ، أي غير الحيوان كالعقار فلا يَبْرَأ في شيء منه، وغير الباطن من الحيوان، فلا يَبْرأ من شيءٍ ظاهرٍ بالحيوان، وغير الذي لم يعلمه من باطن الحيوان فلا يَبْرأ مما علمه وإن كان باطنًا، لأن الحيوان يتغذى بالصحة والسقم فَقَلَّ ما ينفكُّ من عيب خفي فيحتاج البائعُ إلى الشرطِ ليثقَ باستقرار العقد، وبخلاف المعلوم للبائع فإنه بإخفائه مدلس، وَالظَّاهِرُ غَيْرُ الْمَعْلُومِ في حُكمِ الْمَعْلُومِ لسهولة الاطلاع عليه، والقول الثاني: يبرأُ مطلقًا عملًا بالشرط، والثالث: لا مطلقًا، لأنه خيارٌ ثَابِتْ بِالشَّرْعِ فلا ينتفى بالشرط كسائر مقتضيات العقد، وَلَهُ مَعَ هَذَا الشَّرْطِ الرَّدُّ بِعَيْبٍ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ، أي عند إطلاق الشرط، لانصرافه إلى الموجود عند العقد، وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَمَّا يَحْدُثُ لَمْ يَصِحَّ فِي الأَصَحِّ، لأنه إسقاط للشيء قبل ثبوته فلم يسقط كما لو أبرأهُ عن ثمن ما يبيعه له، . والثاني: يصح بطريق التبع، والثالث: إن أفرد ما لم يحدث لم يصح أو ضم إليه القديم فيصح تبعًا، وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِى، أي بآفة سماوية وغيرها، أَوْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ رَجَعَ بِالأرْشِ، لِتَعَذُّر الرَّدِّ إذ لا مردودَ، ولا يمكن إسقاطُ حق المشتري، فرجعنا إلى الأرش، وينبغي أن يكون مرادهُ العبد المسلم، أما الكافر فلا، لأنه لم ييأَس من الردِّ، فإنه قَدْ يلتحقُ بدار الحرب فَيُسْتَرَقُّ ثم يعود إلى ملكهِ واليَأْسُ هو العِلَّةُ الصحيحة كما ستعلمه.