للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للبائع، جَازَ بِلا شَرطٍ، لأنهما يجتمعان في ملك شخص واحد، فأشبه ما لو اشتراهما معًا، وهو وجه قوي متأيد بما سيأتى؛ أنه إذا شرط القطع لا يجب الوفاء به، وصححه في الروضة في باب المساقاة. قُلْتُ: فَإِن كَان الشجر لِلْمُشْتَرِي وَشَرَطْنَا الْقَطْعَ لاَ يَجِبُ الْوَفَاءُ بهِ، والله أعلَمُ، لأنه لا معنى لتكليفه قطع ثماره من أشجاره، وَإِن بِيعَ مَعَ الشجر جَازَ بِلاَ شَرطٍ، لأن الثمَرَ هنا يتبع للأصل وهو غير متعرض للعاهة، وهذا إذا لم يفصل الثمن، فإن فَصَلَهُ بِأَنْ قال: بعتك الشجرة بدينار والثمرة بعشرة فلا يصح قطعًا لانتفاء التبعية، وَلاَ يَجُوزُ بِشَرطِ قَطْعِهِ، لأن فيه حجرًا على المشتري في ملكه، والفرق بينه وبين ما إذا باعها من صاحب الأصل ما ذكرناه من التبعية.

فَرع: باع البطِيْخَ ونحوه مع أصله، فلا بد من شرط القطع، لأن الأصل متعرض للعاهة بخلاف الشجر والثمر، فإن باعه مع الأرض استغنى عنه، قاله الامامُ والغزالي وفيه بحث للرافعي.

وَيحرُمُ بَيْعُ الزرع الأخْضَرِ فِي الأرضِ إلّا بِشرطِ قَطْعِهِ، لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ [نَهى عَنْ بَيْع السُّنْبُلِ حَتى يَبْيَضَّ، وَيأمَنَ الْعَاهةَ، نَهى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ] رواه مسلم (٦٧)، فَإن بِيعَ، أي الزرع الأخضر، مَعَها، أي مع الأرض، أَوْ بَعدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ، أي وحده، جَازَ بِلاَ شَرط، أما الأول: فكبيع الثمرة مع الشجرة، وأما الثانى: فكبيع الثمرة بعد بدو الصلاح، وَيُشترَطُ لِبَيْعِهِ وَبَيْع الثمَرِ بَعدَ بُدُوِّ


(٦٧) • الحديث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (نَهى عَنْ بَيْع النخْلِ حَتْى يَزْهُو، وَعَنِ السنْبُلِ حَتْى يَبيَضَّ وَيَأمَنَ الْعَاهةَ؛ نَهى الْبَائِعَ وَالْمشتَرِي). رواه مسلم في الصحيح: باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها: الحديث (٥٠/ ١٥٣٥).
• عن جابر - رضي الله عنه - قال: (نَهى النبِي - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُبَاعَ الثمرة حَتى تَشقَحَ)؛ فَقِيْلَ: وَمَا تُشقَح؟ فَالَ: (تَحمَارُّ وَتَصفَارُّ ويوْكَلُ مِنْها). رواه البخاري في الصحيح: باب بيع الثمار قبل بدو صلاحها: الحديث (٢١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>