للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجداد لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بوضع الجوائح كما رواه مسلم (٧١)، والأول حمله على الاستحباب جمعًا بينهما، واحترز بقوله بعدها عما إذا حصل قبلها فإنه من ضمان البائع. فَلَوْ تَعَيبَ بِتَرك الْبَائِع السقْيَ فَلَهُ الْخِيَارُ، أي للمشتري، لأن السقى لما كان لازمًا للبائع كان التعيب الحادث كالمتقدم على القبض حتى لو تلف بذلك انفسخ العقد أيضًا، وَلَوْ بِيعَ قَبْلَ صَلاحِهِ بِشرطِ قَطْعِهِ وَلَم يُقْطَع حَتى هلَكَ فَأَوْلَى بِكوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، لتفريطه، وَلَو بِيعَ ثَمَر يَغْلِبُ تَلاَحُقُهُ وَاخْتِلاَطُ حَادِثِهِ بِالْمَوْجُودِ كَتِينٍ وَقِثاء لَم يَصِح، لأنه غير مقدور على تسليمه، إِلَّا أَن يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَطْعَ ثَمَرِهِ، أي عند خوف الاختلاط فيصح لإنتفاءِ المحذور، وَلَوْ حَصَلَ الاِخْتِلاَطُ فِيمَا يَنْدُرُ فِيهِ فالأظْهرُ أَنهُ لاَ يَنفَسِخُ البَيْعُ، لبقاء عين المبيع، وتسليمه ممكن بالطريق الآتى، والثاني: ينفسخ لتعذر التسليم المستحق، وهو تسليم المبيع وحده، وهذا ما صححه الأكثرون، والأول نقل الرافعي ترجيحه عن الوجيز خاصة وتبعه في الْمُحَرَّر فالأصح الثاني، بَلْ يَتَخَيَّرُ المُشْتَرِي، لأن الاختلاط أعظم من اباق العبد المبيع، فإن سمَحَ لَهُ الْبائِعُ بِمَا حَدَثَ سَقَطَ خِيَارُهُ فِي الأصَحِّ، لزوال المحذور، والثاني: لا يسقط، لما في قبوله من المنة وهو الأقيس، واعلم أن ما ذكره المصنف ذكره الغزالي تبعًا لإمامه وهو يقتضى أنّ الخيار ثبت أولًا للمشتري، حتى يجوز له المبادرة بالفسخ، فإن بادر البائع بالفسخ سقط خياره، قال صاحب المطلب: وهو مخالف لنص الشافعي والأصحاب فإنهم عكسوا فخيروا البائع أولًا.


(٧١) • عن جابر - رضي الله عنه -؛ (أن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بِوَضْع الحَوَائح). رواه مسلم في الصحيح: كتاب المساقاة: الحديث (١٧/ ١٥٥٤).
• وعنه - رضي الله عنه -؛ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [إنْ بعتَ مِنْ أخِيْكَ ثَمَرًا؛ فَأصَابَتْهُ جَائِحَةٌ؛ فَلاَ يَحِلُّ لَكَ أنْ تَاخُذَ مِنْهُ شَيئًا! ! بِمَ تَأخذُ مالَ أخِيْكَ بِغَيرِ حَق]. رواه النسائي في السنن: باب وضع الجوائح: ج ٧ ص ٢٦٤ - ٢٦٥.
• عن أنس - رضي الله عنه -؛ قال: إِنَّ النبِي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: [إِن لَم يُثْمِرها الله بمَ يَسْتَحِلُّ أحَدُكُم مَالَ أخِيْه]. رواه مسلم في الصحيح: الحديث (١٦/ ١٥٥٥) ولفَظ البخارى: الحديث (٢١٩٨): [أرأيت إذَا مَنَعَ الله الثمَرَةَ بِمَ يأخُذ أحَدُكُم مَالَ أخِيْهِ؟ ].

<<  <  ج: ص:  >  >>