للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يزيل الملك كالببع، فإن جعلنا تعلقه كتعلق الأرش خرج على الخلاف في بيع الجانى أو الرهن فيبطل، فَعَلَى الأَظْهَرِ يَسْتَوِي الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ وَغَيْرُهُ فِي الأَصَحِّ، كما هو قياس الديون، والثاني: إن كان الدَّيْن أقل نفد تصرف الوارث إلى أن لا يبقى إلا قدر الدَّيْن؛ لأن الحجر في مال كثير بشيء حقير بعيدٌ.

وَلَوْ تَصَرَّفَ الْوَارِثُ وَلاَ دَيْنَ ظَاهِرٌ، فَظَهَرَ دَيْنٌ بِرَدِّ مَبِيع بِعَيْبٍ، فَالأَصَحُّ: أَنهُ لاَ يَتَبَيَّنُ فَسَادُ تَصَرُّفِهِ، لأنه تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا كان سائغًا له ظاهرًا، والثاني: يتبينُ فسادُهُ إلحاقًا لما تجدَّدَ مِن الدَّيْن بالدَّيْن المقارن لتقدم سببهِ، لَكِنْ إِنْ لَمْ يُقْضَ الدَّيْنُ فَسَخَ، ليصل الحقَّ إلى مستحقِّهِ، ولا طريق إلّا ذلك إذ لا دَيْن على الوارث حتى يطالَبَ، وقولهُ (يُقْضَ) بضم الياء يَعُمُّ قضاءَ الوارثِ والأجنبيِّ، ولو عبَّر بالسقوط لَعَمَّ الإبراءَ أيضًا.

وَلاَ خِلاَفَ أَن لِلْوَارِثِ إِمْسَاكَ عَينِ التَّرِكَةِ وَقَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ مَالِهِ، لأنه خليفَة المورِّثِ؛ والْمُوَرِّثُ كان له ذلك، نعم: لو أَوْصَى بِبَيْعِهَا في وفاءِ دينهِ فإنَّ وَصِيَّتَهُ يُعْمَلُ بِهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ لاَ يَمْنَعُ الإِرْثَ، لأنه لو كان باقيًا على ملك الميت لوجب أن يرثه من أسلم أو أعتق من أقاربه قبل قضاءِ الدَّيْن، وأن لا يرثه من مات قبل القضاء من الورثة، والثاني: أنه يمنع؛ ونقله الإمام عن القديم؛ والأول عن الجديد؛ لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} (٩٢) أي من بعد إعطاء وصية وإيفاء دَيْن إن كان، وأجيب عن هذه الآية بأن المعنى المقادير لا المقدر، فَلاَ يَتَعَلَّقُ بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ، كَكَسْبٍ وَنَتَاجٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ، لأنه تبع للملك؛ وإن قلنا: يمنع انتقالها! فيتعلق بها لبقائها على ملك الميت؛ وصححه الرافعي في النِّكَاحِ (•).


(٩٢) النساء / ١١.
(•) في هامش نسخة (٣): بلغ مقابلة حسب الطاقة فَصَحَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>