فيه، لَكِنْ لَا يُفَرِّقُ الزَّكَاةَ بِنفْسِهِ، لأنه تصرفٌ ماليٌّ، وِإذَا أَحْرَمَ بِحَجِّ فَرْضٍ، أي وكذا بعمرةٍ أو أخرهما إلى الميقات، أَعْطَى الْوَلِيُّ كِفَايَتَهُ لِثِقَةٍ يُنْفِق عَلَيْهِ في طَرِيقِهِ، خوفًا من تفريطه فيه، قال القاضي: فإن لم تجد من يفعله إلا بأجرة استأجر عليه، ولو أحرم بتطوع ثم حُجِرَ عليه قبل إتمامه فكالفرض، وِإدْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّع وَزَادَتْ مُؤْنَةُ سَفَرِهِ عَنْ نَفَقَتِهِ الْمَعْهُودَةِ فَلِلْوَلِيِّ مَنْعُهُ، صيانةً لِمَالِهِ، وتأوَّلَ صاحِبُ المطلبِ المنعَ على الزائد لا على نفسِ السفو، وَالْمَذْهَبُ أَنهُ كَمُحْصَرٍ فَيَتَحَلَّلُ، لأنه ممنوع، وقيل: وجهان، ثانيهما: أنَّه كمن فقد الزاد والراحلة لا يتحلل إلا بلقاء البيت؛ لاشتراكهما في امتناع الذهاب. قُلْتُ: وَيتَحَلَّلُ بِالصوْمِ إِنْ قُلْنَا لِدَمِ الإِحْصَارِ بَدَلٌ، لأنَّهُ مَمْنُوع مِنَ الْمَالِ، أي وإن قلنا لا بدل له، بل يبقى في ذمةِ المحصَرِ فيظهرُ كما قال في المطلب: وقد استفدنا من هذا الكلام أن الإحرام بغير إذن الولي صحيح؛ وفي الفرقِ بينه وبين الصبي المميز نظر. والفرقُ استقلال السفيه بخلاف أن يبقى في ذمة السفيه أيضًا، وَلَوْ كَان لَهُ في طَرِيقِهِ كَسْبٌ قَدْرَ زِيَادَةِ الْمُؤْنَةِ لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ، وَالله أَعْلَمُ، لأن الإتْمَامَ بدُونِ التَّعَرُّضِ لِلْمَالِ مُمْكِنٌ، قال في المطب: وفيه نظر، إذا كان عمله مقصودًا بالَأجرة بحيث لا يجوز له التبرع به.
فَصْلٌ: وَليُّ الصَّبِيِّ أَبُوهُ، بالإجماع، ثُمَّ جَدُّهُ، أي أَبُ الأَبِ وإن عَلا كولاية النِّكَاح، وينبغي كما قال في الروضة: أن يكون الراجح الاكتفاء فيهما بالعدالة الظاهرة، وقال صاحب المعين: الأصحُّ المنعُ، بل لا بد من ثبوتها عند الحاكم، ونقله عن بعض أصحابنا؛ وهذا التصحيح موجود في المذاكرة أيضًا من غير عزوٍ؛ والظاهر أنَّه أخذه منها، ثُمَّ وَصِيُّهُمَا، أيْ وصيٌّ مَن تأخَّرَ موتُهُ عنهما، لأنه يقوم مقامهما، ثُمَّ الْحَاكِمُ، لأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، وَلَا تَلِي الأُمُّ فِي الأصَحِّ، كولاية النكاح، والثاني: يقدم على وصيّ الأب والجد؛ لأنها أحد الأبوين فأشبهت الأب.
فَرعٌ: حكم المجنون ومن بلغ سفيهًا حكم الصبيِّ في ترتيب الأولياء.