للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويبرَأ الكَفِيلُ بِتَسلِيمِهِ فِي مَكَانِ التسلِيمِ بِلا حَائِلٍ كَمُتغَلّبِ، لأن حقيقة التمكين لم توجد، قال القفال في فتاويه: ولو سلمه له؛ وقال: قد رددته عليك فلم يقبل، فإن كان في موضع لا يمكنه الامتناع منه في الغالب فقد بَرِئَتْ ذِمتُهُ، وإن كان في مفازة فلا، وَبِأَن يحضُرَ المَكْفُولُ بِهِ ويقُولَ: سَلمتُ نَفْسِي عَنْ جِهةِ الكفِيلِ، كما يبرأ الضامن بأداء الأصيل الدين، وَلَا يَكفِي مُجَردُ حُضُورِهِ، أي حتى يقول سَلْمتُ نفسي عن جهة الكفيل، لأنه لم يُسَلِّمهُ إليه ولا أحد من جهتهِ، فإِن غَابَ لَم يَلزَمِ الكَفِيلَ إِحضَارُهُ إِن جَهِلَ مَكَانَهُ، لعدم إمكانه، وإلا، أي وإن عرف مكانه والطريق آمن ولم يذهب إلى قوم يمنعونه منه، فَيَلْزَمُهُ، لإمكانه، والمؤنة في إحضاره عليه، ويمهلُ مُدَّةَ ذَهابٍ وَإيابِ، لأنه الممكن، فَإن مَضتْ، أي مدة الذهاب والإياب، وكذا الإقامة التي لا تؤثر للاستراحة ونحوها فيما يظهر، وَلَم يحضِرهُ حُبِسَ، أي إن لم يوف الدين لتقصيره، وَقِيلَ: إِن غَابَ إِلَى مَسَافَةِ القصرِ لَم يَلْزمه إِحضَارُهُ، إلحاقًا لها بالغيبة المنقطعة والأصح وهو اللزوم كما لو كان المديون غائبًا إلى هذه المسافة يؤمر بإحضاره.

فَرعٌ: لو كان غائبًا حال الكفالة فالحكم في إحضاره حكم ما لو غاب بعدها.

وَالأصَحُّ: أنهُ إِذَا مَاتَ وَدُفِنَ لَا يُطَالبُ الكَفِيلُ بِالمَالِ، لأنه لم يلتزمه، والثاني: نعم، لأنه وثيقة كالرهن، والمختار: أنه يطالب بالدين، كما ذكره في الروضة، لا بأقل الأمرين منه، ودية المكفول به، وظاهر إطلاق المصنف يقتضي أنه لا فرق في جريان الخلاف بين أن يحلفَ المكفولُ وفاءً أم لا، وظاهر كلام غيره اختصاصه بما إذا لم يحلف، وَأنهُ لَوْ شرِطَ فِي الْكفالةِ، أنهُ يَغْرَمُ المال إِن فَاتَ التَّسلِيمُ، أي قوله كقوله كفلت بدنه بشرط الغرم ونحوه، بَطَلَت، لأنه شرط ما ينافيها وهذا بناء على أنه لا يغرم عند الإطلاق، والثاني: يصح بناء على مقابله، فإن قال: كفلت بدنه، فإن مات فعليّ المال صحت الكفالة وبطل الالتزام، قاله الماوردي، وَأنها لَا تَصِحُّ بِغَيرِ رِضَى المَكْفُولِ، به لأنه لا يلزمه الحضور معه، والثاني: يصح

<<  <  ج: ص:  >  >>