للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأجرة، وَفِي قَوْلٍ: لَهُ الْقَلْعُ فِيهَا مَجَانًا إِذَا رَجَعَ، أَي بَعْدَ الْمُدَّةِ ذَهَابًا إِلَى أَنَّ فَائِدَةَ بَيَانِ الْمُدَّةِ الْقَلْعُ بَعْدَ مُضِيِّهَا.

وَإِذَا أعَارَهُ لِزِرَاعَةِ وَرَجَعَ قَبْلَ إِدْرَاكِ الزَّرْعِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيهِ الإِبْقَاءَ إِلَى الْحَصَادِ، لأنه محترم وله أمدٌ ينتظرُ، والثاني: للمعير أن يقلع ويغرم أرش النقص كما مرَّ في الغِرَاسِ تخريجًا من العَارِيَةِ الْمُؤَقَّتَةِ، والثالث: له تملكه بالقيمة، وَأَنَّ لَهُ الأُجْرَةَ، لأنه إنما أباح له المنفعة إلى وقت الرجوع فأشبهَ مَنْ أَعَارَ دَابَّةً إلى بلدٍ ثُمَّ رجعَ في الطريقِ؛ فَإِنَّ عَلَيهِ نَقْلَ مَتَاعِهِ إِلَى مَأْمَنٍ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، والثاني: لا أُجرة له؛ لأن منفعة الأرضِ إلى الحصادِ كالمستوفاة، ومحل ما ذكره في الزرع فيما إذا كان مما لا يحصد قصيلًا كالقمح ونحوه، فإن كان مما يحصد قصيلًا كالرطب فله قطعه، فَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً وَلَمْ يُدْرِكْ فِيهَا لِتَقْصِيرِهِ بِتَأْخِيرِ الزِّرَاعَةِ قَلَعَ مَجَانًا، لما أشار إليه من كونه مقصرًا وإلا فهو كما لو أعاره مطلقًا، وَلَوْ حَمَلَ السَّيلُ، أي وكذا الهوى، بَذْرًا إِلَى أَرْضِهِ فَنَبَتَ، فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، أي ولو كان حبة واحدةً؛ لأنه باقٍ على مِلْكِهِ وهذا فِي حَبَّةٍ وَنَوَاةٍ لم يعرض عنها مَالِكُهَا، أمَّا إِذَا أعْرَضَ عَنْهَا وَأَلْقَاهَا فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِكَوْنِهَا لِصَاحِبِ الأَرْضِ، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِهِ، لأن المالِكَ لم يَأْذَنْ فيهِ فهو كما لو انتشرت أغصانُ شجرةٍ في هواء دار غيره؛ فإن له قطعها، والثاني: لا يجبر مجانًا، لأنه غير متعدٍ؛ فهو مستعير فينظر في النابت: أهو شَجَرٌ أَمْ زَرْعٌ؟ وَيَكُونُ الحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ.

فَصْلٌ: وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً وَقَال لِمَالِكِهَا: أَعَرْتَنِيهَا، أي وهي باقية، فَقَال: بَلْ أَجَّرْتُكَهَا، أَو اخْتَلَفَ مَالِكُ الأَرْضِ وَزَارِعُهَا كَذَلِكَ، فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ عَلَى الْمَذْهَبِ، لأن المنافع تصح المعارضة عليها كالأعيان، ولو اختلفا لي العين بعد استهلاكها؛ فقال المالك: بعتكها؛ وقال: بل وهبتنيها؛ صُدِّقَ المالكُ فكذا هنا، والثاني: أن القولَ قَوْلُ الرَّاكِبِ وَالزَّارِعِ؛ لأَنَّهُمَا اتَّفَقَا على إباحةِ المنفعةِ؛ والأصلُ براءَةُ الذِّمَّةِ عَنِ الأُجْرَةِ، هذا أصحُّ الطريقين، إن المسألة على قولين نقلًا وتخريجًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>