للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَسِيَهَا يَجْبُرُ النِّسْيَان، أي فيما إذا غصبه وهو يحسن صنعة فنسيها ثم تذكرها أو تعلمها، لأن تذكرها لا يعد شيئًا متجددًا بخلاف السمن الثاني، والثاني: لا يجبرُ كالسمن، وَتَعَلُّمُ صَنْعَةٍ لَا يَجْبُرُ نِسْيَان أخْرَى قَطْعًا، أي وإن كانت أرفع من الأولى لانتفاء تخيل وجود المثل الصوري فيما رده، ولو تذكر في يد الغاصب فالذي يظهر الجبر كما قاله في الكفاية.

وَلَوْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ، ثُمَّ تَخَلَّلَ، فَالأصَحُّ: أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَالِكِ، لأنه عين ماله، وَعَلَى الْغَاصِبِ الأرْشُ إِن كَان الخَلُّ أَنْقَصَ قِيمَةً، أي من العصير لحصوله تحت يده؛ فلو لم تنقص قيمته عن قيمة العصير اقتصر عليه، والثاني: يغرم مثل العصير، وقال الماوردي: يغرم قيمته، لأنه بالتخمر كالتالفِ وعلى هذا فالخل للمالك على الأصح، لأنه فرع ملكه.

وَلَوْ غَصَبَ خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ، أَوْ جِلْدَ مَيتَةٍ فَدَبَغَهُ، فَالأصَحُّ: أَنَّ الخَلَّ وَالْجِلْدَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، لأنهما فَرْعُ مِلْكِهِ، فإن تَلَفَا في يده غرمهما، والثاني: أنهما للغاصب؛ لحصولهما عنده بما ليس بمال، والثالث: الخل للمالك دون الجلد؛ لأنه صار ما لا يفعله، والرابع: عكسه؛ لأن جلدَ اليتةِ يُقْتَنَى بخلافِ الخمرِ.

فَرْعٌ: إذا قلنا بالأصح أنهما للمالك فلو أعرض المالك عنهما فأخذهما آخذٌ؛ فالأصح من زوائد الروضة هنا، وأصلها في الذبائح أنه ليس للمعرض الاسترداد.

فَصْلٌ: زِيَادَةُ الْمَغْصُوبِ إِن كَانَتْ أَثَرًا مَحْضًا كَقُصَارَةٍ فَلَا شَيءَ لِلْغَاصِبِ بِسَبَبِهَا، لتعديه، وَللْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ رَدَّهُ كَمَا كان إِن أَمْكَنَ، أي كما لو اتخذ من النقْرَةِ دَرَاهِمَ لما قلناه من تعدية بما فعل، فإن لم يكن كما في القصارة فلا يكلف ذلك بل يرده بحاله، وَأَرْشَ النَّقْصِ، إن نقصت قيمته، وأرش النقص أي إذا رده ناقصًا لدخوله في ضمانه، وَإِنْ كَانَتْ عَينًا كَبِنَاءٍ وَغِرَاسِ كُلِّفَ الْقَلْعَ، وأرش ما نقص؛ لأنه عرق ظالمٌ، وَإِنْ صَبَغَ الثوْبَ بِصَبْغِهِ، وكان عينا لا تمويهًا، وَأَمْكَنَ فَصْلُهُ، أي بأن كان الصبغُ غيرَ معقودٍ، أجْبِرَ عَلَيهِ فِي الأصَحِّ، كما يملك إجباره

<<  <  ج: ص:  >  >>