للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لاشتراكهما في وضع اليدِ فيعودُ ما ذكرناه في حالتي العلم والجهل، إلّا أنَّ جهلَ المشتري قد ينشأ من الجهلِ بكونها مغصوبة أيضًا، فتقبل دعواهُ من غير اشتراط قرب عهده بالإسلام وكونه نشأَ بباديةٍ بعيدة، فَإِنْ غَرَمَهُ، يعني غَرَمَ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَّ المَهْرَ، لَمْ يَرْجِعْ بِهِ، أي المشترى، عَلَى الغاصِبِ فِي الأظْهَرِ، لأنه باشر الإتلاف، والثاني: يرحع إذا جهل، لأن الغاصب قد غرَّهُ والبيعُ لا يقتضي ضمانَ المهرِ والخلافُ جارٍ في أرشِ الافتضاضِ إن كانتْ بِكْرًا، قال الرافعي: وعدم الرجوع به أظهر لأنه بَدَلَ جزءٍ منها أَتْلَفَهُ فَأشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهَا.

وَإنْ أَحْبلَ، أي الغاصبُ أو المشترى منه، عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ، فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ غَيرُ نَسِيبٍ، لأَنَّهُ زِنًا، وَإنْ جَهِلَ فَحُرٌّ نَسِيبٌ، للشبهة، والمشهور كما قال في المطلب: إِنَّهُ انْعَقَدَ حُرًّا لَا رَقِيقًا ثُمَّ عُتِقَ، وَعَلَيهِ قِيمَتُهُ، أي بتقدير رِقِّهِ لَتَفْويتِهِ رِقّهُ بِظَنِّهِ، يَوْمَ الإِنْفِصَالِ، أي إن انفصل حيًّا؛ لأن التقويم قبله غيرُ ممكنٍ، فإن انفصل ميتًا بغير جنايةٍ، فالأصحُّ: أنه لا شيء عليه؛ لأنَّ حَيَاتَهُ غَيرُ مُتَيَقَّنةٍ. وإن انفصلَ بجنايةِ الغاصبِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ، وَيَرْجِعُ بِهَا، أي بالقيمةِ، الْمُشْتَرِي عَلَى الْغَاصِبِ، لأنَّ الشِّرَاءَ لم يوجبْ ضَمَانَهُ، لأن مقتضاه أنْ يُسْلِمَ لَهُ الْوَلَدَ حُرًّا مِنْ غَيرِ غَرَامَةٍ.

وَلَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَغَرِمَهُ لَمْ يَرْجِعْ لِهِ، أي عالمًا كان أو جاهلًا؛ لأنَّ الشِّرَاءَ عَقْدُ ضَمَان، وَكَذَا لَوْ تَعَيَّبَ عِندَهُ، أي بآفة سماوية، فِي الأَظْهَرِ، كما لا يُرْجِعُ بالقيمةِ عندَ هلاكِ الكُلِّ تسوية بين الجملةِ والأَجْزَاءِ، والثاني: أنه يرجع، لأن العقد يوحبُ ضَمَانَ الْجُمْلَةِ وَلَا يُوْحِبُ ضَمَانَ الأَجْزَاءِ عَلَى الإِنْفِرَادِ، أما إذا تعيَّب بفعل المشتري فإنه يستقرُّ عليهِ ضمانُهُ فطعًا وكذا لو تلف الجميعُ.

وَلَا يَرْجِعُ بِغُرْمِ مَنفَعَةٍ اسْتَوْفَاهَا، أي كالسكنى والركرب واللُّبْسِ، في الأَظْهَرِ، هما القولان في الْمَهْرِ وَأرْشِ الْبَكَارَةِ وقد مَرَّ تَوْجيهِهِمَا، ويرْجِعُ بِغُرْمِ مَما تَلِفَ عِنْدَهُ وَبِأَرْشِ نَقْضِ بِنَائِهِ وَغِرَاسِهِ إِذَا نُقِضَ في الأَصَحِّ، أمَّا الأُولى: وهي منافعُ المغصوب إذا تلفت تحت يد المشتري ولم يستوفها فيضمنها للمالك بأُجْرَةِ مِثْلِهَا، وهل يرجع

<<  <  ج: ص:  >  >>