للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: يجوز الاقتصار على أيهما شاء، لأن نية رفع الحدث تتضمن الاستباحة.

وَمَنْ نَوَى تَبَرُّداً مَعَ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ، لأنه يحصل، وإن لم ينوِه فأشبه ما لو نوى الفرض وتحية المسجد، والثانى: لا، لأنه اشترك بين الفرض وغيره، ومراده بالنية المعتبرة أن يكون ذاكراً لها سواء كان في أول الوضوء أم في أثنائه، أَوْ مَا يُنْدَبُ لَهُ وُضُوءٌ كَقِرَاءَةٍ فِلاَ الأَصَحَ، لأنه لا يتوقف على نية رفع الحدث، والثاني: نَعَمْ، لتوقف الاستحباب عليه، أمَّا ما لا يُنْدَبُ له الوضوء؛ فلا يصح جزمًا.

وَيَجِبُ قَرْنُهَا بأَوَّلِ الْوَجْهِ، أي بِأوَّل ما يغسل منه لِتَقْتَرِنَ بأَوَّل الفرض كالصلاة، وَقِيلَ: يَكْفِي بِسُنَّةٍ قَبْلَهُ، لاقترانها بجزء من الوضوء، والأصح المنع؛ لأنها لم تقترن بفرض، والسنن توابع. ثم محل الخلاف: ما إذا غربت النّيَّةُ قبل غسل الوجه، أما لو استمرت حتى شرع في غسل الوجه جاز وهو الأفضل، وَلَهُ تَفْرِيقُهَا عَلَى أَعْضَائِهِ فِي الأصَحِّ، كما في تفريق أفعاله، والثاني: لا؛ كالصلاة.

الثَّانِي: غَسْلُ وَجْهِهِ، أي انغساله بالإجماع، وَهُوَ مَا بَيْنَ مَنَابِتِ رَأسِهِ غَالِبًا وَمُنْتَهَى لَحْيَيْهِ، أي إلى آخرهما، وَمَا بَيْنَ أذُنَيْهِ، لأن الوجه ما تقع به المواجهة، والمواجهة تقع بما ذكره، وخرج بقوله غالبًا الأصلع، وقال الإمام: لا يحتاج إلى هذا القيد، لأنه منبت وإن انحسر عنه الشعر لسبب، قلتُ: ويستحب غسل الْمَاقَيْنِ بالسبابتين لحديث فيه (١٢٦).


(١٢٦) الْمَأْقَيْنِ: تَثْنِيَةُ مَأْق، بِفَتْحِ الْمِيْمِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ سَاكِنَةٌ، وَرُبَّمَا تَرْكُ هَمْزِهِ. وآخِرُهُ قَافٌ مثناة؛ وَهُوَ طَرْفُ العَيْنِ الَّذِي يَلِى الأنْفَ. وَفِي رِوَايَةٍ (مَأْقِيَينِ) بِيَائَيْنِ بعدَ القافِ وهو تثنيةُ مَأَقِي، وهو لغةٌ في الْمَأْقِ.
عن شهر بن حوشب عنَ أبى أُمامة [الباهليِّ] قال: وَصَفَ وُضُوءَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ثَلاثًا ثَلاَثاً، وَلاَ أَذْكُرُ كَيْفَ ذَكَرَ الْمَضْمَضَةَ وَالاسْتِنْشَاقَ. وَقَالَ: وَالأُذُنَان مِنَ الرَّأسِ، قال: وَكَانَ رَسُولُ اللَهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ الْمأَقَيْنِ، وَقَالَ بِأُصْبُعَيْهِ؛ وَأَرَانَا حَمَّادُ وَمَسَحَ مَأْقَيْهِ. رواه الأمام أحمد في المسند: ج ١ ص ٢٥٨. ولفظ أبي داود: عن أبي أمامة وذكر وُضُوء النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كان رسول اللَه - صلى الله عليه وسلم - يمسح المأقين؛ قال: وقال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>