للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ: وَلَو اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ جَمْعٌ أَخَذُوا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ، لأنه حق مستحقٌّ بالملك فَقُسِّطَ على قدره كالأجرة والثمرة، وَفِي قَوْلٍ عَلَى الرُّؤُوسِ، لأن سَبَبَ الشُّفْعَةِ أَصْلُ الشَّرِكَةِ؛ بدليل أن الشريك الواحد يأخذ الجميع وإنْ قَلَّ نصيبُهُ، وهما في أصل الشركة سواء والخلاف حكاه الشافعي في الأم، ولما حكى الثاني قال: وبه أقولُ كما نبَّه عليه صاحب المطلب.

وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَينِ نِصْفَ حِصَّتِهِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ بَاقِيهَا لآخَرَ، أي بأن كانت الدار بينهما مناصفة، فباع نصف نصيبه أو ثلثه أو أقلَّ لرجلٍ ثم باع الباقي لآخر، فَالشُّفْعَةُ فِي النّصْفِ الأَوَّلِ للشَّرِيكِ الْقَدِيمِ، لأنه ليس معه في حال بيعه شريك إلا البائع، والبائع لا يأخذ ما باعه بالشفعة، وقوله (ثُمَّ بَاقِيهَا) أشار بذلك إلى تَرَتُّبِ البيعينِ؛ فإنْ وقعا معًا فالشفعة فيهما للأول خاصَّة.

وَالأَصَحُّ: أَنّهُ إِنْ عَفَى، أي الشريك القديم، عَنِ النّصْفِ الأَوَّلِ؛ شَارَكَهُ الْمُشْترِي الأَوَّلُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي لأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ سَبَقَ الصَّفْقةَ الثَّانِيَةَ وَاسْتَقَرَّ بِعَفْو، الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ، وَإِلَّا فَلَا، أي وإن لم يعفُ الشريك القديم عن النصف الذي اشتراه بل أخذه منه فلا يشارك الأول القديم لزوال ملكه، والثاني: يشاركه مطلقًا، لأنَّ شريك حال الشراء، والثالث: المنع مطلقًا، لأنَّ الشريكَ القديمَ مُتَسَلِّطٌ على مِلْكِهِ فكيف يزاحمه؟ وقال القاضي حسين: إنه ظاهر المذهب، ثم محل الخلاف ما إذا لم يكن الشريك القديم عفى عنها قبل البيع الثاني، فإن عفى اشتركا فيها قطعًا، وَالأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ عَفَى أَحَدُ شَفِيعَينِ سَقَطَ حَقُّهُ، كسائر الحقوق المالية، وَتَخَيَّرَ الآخَرُ بَينَ أَخْذِ الْجَمِيعِ وَتَرْكِهِ، أي كالمنفرد، وَلَيسَ لَهُ الاقْتِصَارُ عَلَى حِصَّتِهِ، لئلا تتبعض الصفقة على المشتري، والثاني: أنه يسقط حق العافي وغيره كالقصاص، والثالث: لا يسقط حق واحد منهما تغليبًا للثبوت، وَأَنَّ الْوَاحِدَ إِذَا أَسْقَطَ بَعْضَ حَقِّهِ سَقَطَ كُلُّهُ، كالقصاص، والثاني: لا يسقط شيء؛ كعفوه عن بعض حد القذف، والثالث: يسقط ما عفى عنه ويبقى الباقي؛ لأنه حقٌّ ماليٌّ يقبلُ الانقسامَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>