وَلَو أُخْبِرَ بِالْبَيعِ بِأَلْفٍ فَتَرَكَ فَبَانَ بِخَمْسِمِائَةٍ! بَقِيَ حَقُّهُ، لأنه لم يتركه زُهدًا بل للكثرةِ وَالْغَلاءِ فَلَيسَ مُقَصِّرًا. وَإِنْ بَانَ بِأَكْثَرَ بَطَلَ حَقُّهُ، للكثرة، لأنه إذا لم يرغب فيه بالأول فبالثاني أَولى، وَلَوْ لَقِيَ الْمُشْتَرِي فَسَلَّمَ عَلَيهِ أَوْ قَال: بَارَكَ الله فِي صَفْقَتِكَ لَمْ يَبْطُلْ، أما في الأُولى: فلأنَّهُ سُنَّةٌ قبل الكلام (١٥٨)، وأما في الثانية: فلأنه قد يدعو له بالبركة ليأخذ صفقة مباركة، وَفِي الدُّعَاءِ وَجْهٌ، أي أنه يبطل به حق الشفعة؛ لأنه يشعر بتقرير الشقص في يده، فلا ينتظم الطلب عقبه.
فَرْعٌ: لو جمع بين السَّلامِ والدعاءِ لم يبطل أيضًا على ما اقتضاه كلام المحاملي في تجريده.
وَلَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَهُ جَاهِلًا بِالشُّفْعَةِ فَالأَصَحُّ بُطْلانُهَا، لزوال سببها، والثاني: لا، لأنه كان شريكًا يوم البيع ولم يرض بسقوطِ حَقِّهِ، واحترز بالجهل عن العِلمِ وهو ظاهرٌ، وهذا كله إذا باع جميع حصته، فإن باع بعضها عالمًا؛ فالأظهر: البطلان؛ أو جاهلًا؛ فالأصح من زوائد الروضة: عَدَمُهُ.
فَرْعٌ: الهِبَةُ فيما ذكره كالبيع.
فَرْعَانِ: لو عرضَ الشَّفِيعُ شِقْصَهُ لِلْبَيعِ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ في الأصح؛ قاله الجرجاني، ويصح عفو المريض عن الشُّفْعَةِ، وإن كان الخط في أخذها، وإذا مات لا يكون لورثته أخذها قاله الروياني.
(١٥٨) حديث السلام قبل الكلام أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح: باب ما جاء في السلام قبل الكلام: الحديث (٢٦٩٩) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [السَّلامُ قَبْلَ الْكَلامِ]. قال أبو عيسى الترمذي: هذا الحديث مُنْكَرٌ؛ لا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وسمعت محمدًا -البخاري- يقول: عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ضعيفٌ في الحديث ذاهبٌ، ومحمد بن زاذان مُنْكَرُ الْحَدِيثِ.