الشّافِعِيُّ في الأمِّ في الأوْلَى: عَلَى أَنهُ عَلَى المالِكِ، وَشَبهَ الرافِعِيُّ سَدَّ الثُلْمِ بِتَنْقِيَةِ الأنهارِ، وَلَيسَ كَما قَال؛ فَإنها عَلَى المالِكِ كَما سَلَفَ.
فصلٌ: والْمُسَاقاةُ لازِمَة، كالإِجارَةِ، فَلَوْ هَرَبَ العامِلُ قَبلَ الفَراغ، وَأَتَمَّهُ المالِكُ مُتَبَرَعًا بَقِيَ استِحقاقُ الْعَامِلِ، وإلا، أي وَإِنْ لَمْ يتِمْهُ، استأجَرَ الْحاكِمُ عَلَيهِ مَنْ يُتمهُ، أَي منْ مالِهِ؛ وإلا اقترَضَ عَلَيهِ، أَي إِنْ لَم يَجِدْ مَنْ يَستأجِرَهُ بأجْرَةٍ مُؤَجلَةٍ؛ لأنَّ العَقْدَ لا يَنْفَسِخُ بِهُرُوبِهِ كَما لا يَنْفَسِخُ بِصَرِيحِ فَسْخِهِ فَتَعَينَ هَذا طَرِيقًا إِلَى اسْتِيفاءِ العَمَلِ الْمُتَوَجَّهِ عَلَيهِ، وَلا يَخْفَى أنَّهُ لا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمُساقاةِ عِنْدَ الْحاكِمِ، وَأَن العامِلَ هَرَبَ والاقْتِراضُ يَكُونُ مِنْ بَيتِ الْمالِ وَإِلا فَمِنْ آحادِ الْمُسلِمِينَ أَو المالِكِ، فَإن لَمْ يَقدِرْ عَلَى الحاكِمِ، فَليُشهِدْ عَلَى الإِنفاقِ إِن أَرادَ الرُّجُوعَ، أي فَإنْ لَم يُشْهِدْ فَلا رُجُوعَ، لأنَّ عَدَمَ الإِشْهادِ مَعَ الْقُدرَةِ دَلِيلٌ عَلَى تَبَرعهِ، وَلَو لَم يُمْكِنْهُ الإِشْهادُ فالأصَحُّ: أَنهُ لا يَرجِعُ أيضًا؛ لأنهُ عُذر نادِرٌ. والمُعْتَبَرُ أنْ يَشْهَدَ عَلَى العَمَلِ أو الاستِئْجارِ وَبَذْلِ الأجْرَةِ بِشَرطِ الرُّجُوع، فَإن لَم يَتَعَرَّضْ لِلرُّجُوع فَكأنهُ لَمْ يَشْهَد، وَلَوْ ماتَ، أَيِ العامِلُ، وَخَلفَ تَرِكَةً، أتَم الوارِثُ العَمَلَ مِنْها، لأنهُ حَقُّ واجبٌ عَلَى مُوَرثهِمْ، نَعَمْ لَو كانَتِ المُساقاةُ وارِدَةً عَلَى العَينِ انفَسَخَت كالأجِيرِ المُعينِ، وَلهُ أن يُتم العَمَلَ بنَفْسِهِ أَو بِمالهِ، أَي وَلا يُجبَرُ عَليهِ لأنَّ مَنافِعَهُ لِنَفْسِهِ وَإِنما يُجبرُ عَلَى أداءِ ما عَلَى المُوَرثِ مِنْ تِركَتِهِ، وَلَوْ ثبَتَتْ خِيانَةُ عامِلِ ضُم إِليهِ مُشْرِفٌ، لأنهُ مُسْتَحِق للعمل، ويمكِنُ اسْتِيفاؤُهُ مِنْهُ بِهَذِهِ الطرِيقِ، فَتَعيَنَ كَما إِذا تَعَدى (•) الْمُرتَهِنُ في الرَّهْنِ، فَإنهُ يُوْضَعُ عِنْدَ عَدل، وَلا يُبطِلُ حَقهُ، فَإن لَمْ يَتَحَفَّظْ به، أيِ العامِلِ بِهِ، استُؤجِرَ مِن مالِ العَامِلِ، لِتَعَذرِ استِيفاء العَمَلِ الواجِبِ عَلَيهِ مِنْهُ والْقُدرَةُ عَلَيهِ بهَذا الطرِيقِ، وَلَو خَرَجَ الثمَرُ مُستحَقًا، أَي لِغَيرِ المُساقِي، فَلِلعامِلِ عَلَى المُساقِي أجرَةُ المِثلِ، كَما لَو استأجَرَ الغاصِبُ مَنْ عَمَلَ في المَغصُوبِ.
(•) في نسخة (١): تَعيَّنَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute