للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمِلْكُ فِي اللُّغَةِ: الْقُوَّةُ، وفي الشَّرْعِ: لَيسَ أمْرًا حَقِيقِيًّا قَائِمًا بِالْمَمْلُوكِ وَإِنَّمَا هُوَ مُقَدَّرٌ فِيهِ ليجري عَلَيهِ أَحْكَامَهُ، قاله الشيخ عز الدين. قال الْجُوْرِيُّ: وَمَوَاتُ الأَرْضِ صَارَ مِلْكًا لِلشَّارِعِ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى أُمَّتِهِ، وَلَيسَ هُوَ لِذِمِّيٍّ، لأنه نوعُ تمليكٍ يُنَافِيهِ كُفْرُ الحربيِّ فَنَافَاهُ كفرُ الذِّمِّيِّ كَالإِرْثِ مِنَ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَتْ بِبِلَادِ كُفْرِ فَلَهُمْ إِحْيَاؤُهَا، لأنهُ من حقوقِ دَارِهِمْ ولا ضَرَرَ على المسلمينَ فيهِ فَملكوهُ بالإحياءِ كالصَّيدِ، وَكَذَا لِلْمُسْلِمِ إِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَذُبُّوْنَ الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا، كمواتِ دارِ الإسلامِ، فإن كانوا يذبُّون عنها، فلا؛ كالمعمور من بلادهم. ولو استولى عليه بعضُ المسلمين فالأصح أنَّه يفيد اختصاصًا كالمتحجر؛ لأن الاستيلاءَ أبلغُ منهُ، وَمَا كَان مَعْمُورًا فَلِمَالِكِهِ، لأن الإحياء لإحداث الملك وهي مملوكة، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ، أي المالك، وَالْعِمَارَةُ إِسلَامِيَّةٌ فَمَالٌ ضَائِعٌ، أي يحفظُ إلى مَجِىْءِ صاحبِهِ والأمرُ فيه إلى رَأْيِ الإمَامِ، وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلِيَّةَ؛ فَالأظْهَرُ أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالإِحْيَاءِ، كالرِّكَازِ، والثاني: المنعُ، لأنها ليست بمواتٍ، وَلَا يُمْلَكُ بِالإِحْيَاءِ حَرِيمٌ مَعْمُورٌ، لأنَّ مَالِكَ المعمورِ يَسْتَحِقُّ مَرَافِقَهُ. وهل يملك صاحب العمارة؟ فيه وجهان؛ أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، قال العبادي: ولا يملك بيعه، وَهُوَ، يعني الْحَرِيمُ، مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيهِ لِتَمَامِ الانْتِفَاعِ، أي وهو المواضعُ القريبةُ من المعمور كالطريقِ وَمَسِيلِ الْمَاءِ ونحوهما، ويختلفُ باختلافِ المعمورِ، وسُمِّيَ حَرِيمًا؛ لأنه يَحْرُمُ عَلَى الغَيرِ التَّعَرُّضَ لَهُ، فَحَرِيمُ الْقَرْيَةِ النَّادِي، أي وهو مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ لِلْحَدِيثِ، ولا يُسَمَّى المجلسُ ناديًا إلا والقومُ فيه، وعبارةُ الْمُحَرَّرِ بَدَلَ النَّادِي مُجْتَمَعُ النَّادِي وهو صحيحٌ أيضًا، فإنه يقال للمجلس كما سلف ولأهله أيضًا، وَمُرْتَكَضُ الخَيلِ، أي إِنْ كَانُوا خَيَّالةً، وَمُنَاخُ الإِبِلِ، وهو الْمَوْضِعُ الَّذِي يُنَاخُ فِيهِ وهو بضم


= الحديث (١١٩٩٤). وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها: الحديث (١١٩٩٨).
* قال الترمذي في الجامع: الحديث (١٣٧٨): وفي الباب عن جابر وعَمْرِو بن عوف المزني جَدِّ كَثِيرٍ وَسَمُرَةَ. حديث جابر رواه الترمذي في الرقم (١٣٧٩)، وقال: حديث حسن صحيح. وحديث عمرو بن عوف رواه البيهقي في السنن الكبرى: الحديث (١١٩٩٥) من طريق كثر بن عبد الله عن أبيهِ عن جَدِّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>