للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِقَدْرِ حَاجَتِهِ، أي وَالرُّجُوعُ فِيهِ إلى العُرفِ فيأخذُ ما تقتضيهِ العَادَةُ لأمثالهِ قالهُ الإمامُ، فإن طلبَ زِيَادَةً فَالأصَح إِزْعَاجُه، لشدةِ الحاجةِ إلى المعادِنِ فإقامَتُهُ عليهِ كَالتحويطِ المَانِع مِنَ الأخْذِ، والثاني: لا يزعجُ وَيَأخُذُ بِحَق السَّبقِ مَا شَاءَ لِلْحَدِيثِ السَّالف [مَن سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقهُ إِلَيهِ مُسْلِم فَهُوَ لَهُ] (١٨٠)، فلو جَاءَا مَعا أقرِعَ في الأصَح، لعدم المزيةِ، والثاني: يَجْتَهِدُ الإمَامُ ويقَدمُ مَنْ يَرَاهُ أحْوَجَ كَمَالِ بَيتِ المَالِ، والخلافُ جارٍ في الأخذِ للحاجةِ وللتجارةِ على الأشهَرِ، وَالمَعدِن الباطِنُ؛ وَهُوَ مَا لَا يَخْرُجُ إِلا بِعِلاج كَذَهَب؛ وَفِضة؛ وَحَدِيد؛ وَنُحَاسٍ لَا يُملَكُ بِالحفْرِ وَالعَمَلِ، أي في مواتٍ بقصدِ التملك، فِي الأظْهَرِ، لأنَّ المواتَ لَا يملَكُ إلا بالعمارةِ؛ وحفر المعدن تَخْرِيب، ولأن المواتَ إذا مُلِكَ لا يحتاجُ في تحصيلِ مقصُودهِ إلى مِثْلِ العَمَلِ الأولِ، بخلافِ المعدِنِ، والثاني: يملكُ إلى القرار؛ لأنه لا يتوصلُ إلى منفعتِهِ إلا بتعب ومُؤنَةٍ فكان كغيره من أراضي المواتِ، أما إذا لم يتقصِدِ التمَلكَ؛ بَلْ قَصَدَ الحفرَ لينال وَيَنْصَرِفَ فلا يَمْلِكُ قَطْعًا قاله البندنيحي، وَمَن أَحيا مَوَاتًا فظَهَرَ فيهِ مَعْدِن بَاطِن مَلَكَهُ، لأنه بالإحياء مَلَكَ الأرضَ بِأجْزَائِهَا، وهو مِن أَجزَائِهَا بخلافِ الركازِ لأنه مودَّع فِيهَا، وَهَذَا إذا لم يعلم أن بها معدِنًا، فإنْ عَلِمَ واتخَذَ عليهِ دارًا فطريقان؛ أحدهما: أنه على الخلاف السابقِ، والثاني: في القطع بالملك، وأما البقعةُ المحياةُ فقال الإمامُ: ظاهرُ المذهبِ أنها لا تُملَكُ؛ لأن المعدِنَ لا يتخذ دارًا ولا مَزْرَعَة، فالقصدُ فاسد، وقيل: يملكها، وقوله (بَاطِن) ليس مرادهُ أنَّ الظْاهِرَ لا يملكُهُ فإنه يملكه أيضًا قطعًا إذا ظَهَرَ في الأرض المحياة كما صرح بِهِ الماوردي، وأنه يملكُهُ مِلكًا مؤبَّدًا قطعًا لأنَّ المعدِنَ لم يَظْهَرْ إلا بالإحياءِ فَصَارَ كَعَينٍ استَنبَطَهَا.

فَصْلٌ: وَالمِيَاهُ المُبَاحَةُ منَ الأوْدِيَةِ وَالعُيُونِ فِي الجمالِ، أي وسيول الأمطار، يَستَوي الناسُ فِيهَا، لقوله عَلَيهِ الصلاةُ وَالسلامُ: [ثَلاث لَا يُمنَعنَ: الماءُ وَالكَلأ


= الله - صلى الله عليه وسلم -: [هُوَ مِنْكَ صَدَقة. وهُوَ مِثْلُ المَاءِ العَدِّ. مَنْ وَرَدَهُ أخَذَهُ].
(١٨٠) ينظر الرقم (١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>